كيف ستجد أميركا المَخْرج للحرب الأوكرانية الخاسرة؟

جندي أوكراني يشير بعلامة النصر من داخل دبابة تتجه إلى باخموت
جندي أوكراني يشير بعلامة النصر من داخل دبابة تتجه إلى باخموت
تصغير
تكبير

تتجه موسكو للانتصار في معركة باخموت الإستراتيجية، لتقضم جزءاً آخر من مقاطعة دونباس التي كانت أعلنت انها تقع ضمن أهدافها الحربية لضمّها إلى روسيا.

وبدأت الأصوات تتعالى في أوروبا مطالبة بإنهاء الحرب أو وقف تدفق الأسلحة، وسط تأكيد أصوات عسكرية محترفة ان أوكرانيا لن تنتصر، وتالياً فإنها حرب عبثية لا أفق لها وأنه ينبغي إعادة النظر بالدعم العسكري لكييف أو درس كيفية وقف الحرب.

شهد عام كامل على المعركة أحداثاً لم يتوقعها الجانبان الروسي والأميركي حيث وقعت أخطاء من الطرفين أفضت إلى تعديل الكرملين في أهدافه العسكرية وإصرار حلف الناتو بقيادة أميركا على الإيمان بأن أوكرانيا تستطيع ان تحارب لسنوات ما دام الغرب يدعمها.

واعتبرت أميركا ان تمويل الحرب لا يكلفها الكثير من المال الذي وصل إلى 120 مليار دولار، بحسب ما أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ. ويُعتبر هذا الاستثمار رخيصاً نسبة لحروب أميركا السابقة في كوريا (390 ملياراً) وفيتنام (843 ملياراً) وأفغانسان (910 مليارات).

ولم تكن أوكرانيا لتتلقى هذا الدعم السخي من أميركا وأوروبا لو كان الهدف إعادة الإعمار وتطور الدولة، وتالياً فإن كييف في موقع يخولها أن تطلب المزيد من المال لأنها، كما قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي، تحارب «من أجل حلف الناتو ومن أجل قيادة أميركا دون ان يُقتل جندي أميركي واحد».

وقد أوضح الرئيس الأوكراني هدفه بالانضمام إلى «الناتو» والمجموعة الأوروبية باعتبار ذلك جائزته الكبرى بعد تقديم مئات الآلاف من القتلى والجرحى في سبيل الدخول إلى النادي الغربي.

وقد قدمت أميركا منصة عالمية لا يمكن لأي دولة ان تضاهيها، حيث خاطب زيلينسكي عشرات البرلمانات حول العالم لتُظْهِر الولايات المتحدة عن قوتها وإمكاناتها لفتح الأبواب إذا انتصر الجيش الأوكراني. إلا أن هذا الهدف بعيد المنال ويبدو ان أميركا تعلم ذلك تماماً ولكنها أرادت إرهاق روسيا واقتصادها لأجل إخضاعها وقمع أي محاولة للتمرد على الأحادية الأميركية على العالم.

من الجدير ذكره، ان موسكو لم تتوقع ان تنقلب دول مثل فنلندا والسويد على حيادها لتطلب الانضمام إلى «الناتو». وتالياً فقد وجد الكرملين نفسه أمام جبهة غربية موحدة (ما عدا هنغاريا) معادية في الوقت الراهن ما دامت أوكرانيا تحارب وأميركا غير مقتنعة بوقف الحرب.

إلا أن الغرب أخطأ في حساباته، إذ وَجدت روسيا حلفاء في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية رفضوا الوقوف ضد موسكو وفرض عقوبات عليها أو الالتزامَ بالعقوبات الأميركية الأحادية غير القانونية دولياً. وتالياً فإن شعار أميركا ان «روسيا يجب ان تُهزم» لم يعد واقعياً، إذ ما زال الجيش الروسي يتقدم في أرض المعركة وما زال الاقتصاد قوياً واستُنزفت مستودعات الأسلحة الغربية وذخائرها، حتى خرج ستولتنبرغ ليقول ان «أوكرانيا تستخدم كمية من الذخيرة أكثر مما تستطيع إنتاجه».

ويبدو ان الرئيس فلاديمير بوتين ليس في عجلة من أمره وهو يشاهد قواته تتقدم ببطء، وكذلك يرى كيف تعاني أوروبا من التضخم، والاحتجاجات في برلين وباريس ومدريد حيث يطالب مئات الآلاف بوقف الحرب وعدم إرسال السلاح والذخيرة لأوكرانيا، وكذلك يطالب بعض المتظاهرين بالانسحاب من «الناتو».

مما لا شك فيه ان القيادة السياسية في أميركا لا تريد للحرب ان تتوقف لأنها لا تخسر سوى بعض المال الذي يسهل طباعته. بينما هذه النظرية لا تنطبق على أوروبا التي لن تتردد بإعادة فتح قنوات التواصل مع موسكو إذا وضعت الحرب أوزارها. فروسيا موجودة في القارة الأوروبية ولديها الثروة الطبيعية التي تحتاجها أوروبا بشدة لسكانها ولصناعتها.

وتالياً فإنها قضية عض أصابع ومدى قدرة أوكرانيا على الصمود لمدة أطول وليس الانتصار، لأن المعركة تبدو محسومة لصالح الأهداف الأكثر تواضعاً التي وضعها بوتين وهي تمثل نحو 20 في المئة من أوكرانيا. ولن تجد أميركا صعوبة بالخروج من الحرب لأنها ستقول في نهاية المطاف انها تسير - ولا تسير - خلف أوكرانيا وأنها غير مسؤولة عن توقيت انتهاء الحرب ولا البدء بالمفاوضات التي تحددها كييف. إلا أن هذا المخرج لا ينطلي على العالم الذي ينتظر نهاية الحرب ليحكم على النتائج.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي