No Script

صوت القلم

أنا لا أكذب ولكن أتجمّل

تصغير
تكبير

منذ ما يُقارب خمسة أشهر ونحن نعيش في دوامة سياسية تمثلت بالتصادم بين الحكومة ومجلس الأمة جاءت نتائجها باستقالة الحكومة وقبولها ومن ثم تكليفها بتصريف العاجل من الأمور، ليصبح دور رئيس مجلس الأمة ونائبه المعارض الشرس في ما مضى هو رفع الجلسة لعدم حضور الحكومة، وليكن أقصى عمل نواب الأمة المعارضين الذين أقاموا الدنيا وأقعدوها في المجلس السابق هو الالتزام بالحضور ومن ثم مشاهدة الرئيس يرفع الجلسة، دون إنكار لهذا الفعل الذي كان محرّماً دستورياً في المجلس السابق.

ذلك الفعل والموقف أصبح مكشوفاً ومعروفاً لدى الجميع وأصبح النواب في موقف لا يحسدون عليه، فقد استطاعت الحكومة أن تلعب معهم سياسة بكل احتراف وسجلت أهدافاً وجعلتهم في موقف صعب وسقطوا من أعين ناخبيهم الذين يعيشون صدمة من ردة فعلهم الباردة تجاه تعطيل أو تأجيل الجلسات، وبعدها تعطل مصالح الناس بوقف التعيين والنقل والندب، انفراد وزراء تصريف العاجل من الأمور بإصدار القرارات دون حسيب ولا رقيب، كقرار وزير العدل والأوقاف بزيادة ساعات العمل دون مراعاة لظروف المعلمات والموظفات وبشكل مفاجئ وفوري وكأن الأمرَ متعمد، لتأتي ردود نواب الأمة باردة ومجرد تغريدات وتصريحات ما جعل الوزير وطاقم الوزارة يتمادون ويصرّون على قرارهم، وكأن كُل فشل الوزارة الإداري قد انتهى، فإن كان وزير الأوقاف حازماً في قراره ومطبقاً للقانون فمن الأولى أن يُحاسب الأمانة العامة للأوقاف التي تخلّت عن مقعدها في مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي ولأمر بإصدار قرارات بوقف الخصومات التي سقطت بالتقادم منذ 2016، ولعمل على راحة الموظفات بتوفير بيئة عمل مناسبة، فهناك من لا تجد حتى كرسياً تجلس عليه بسبب التكدس في بعض المراكز، وأيضاً لعمل خطة لتعديل تركيبة الوزارة التي تعج بالوافدين ولا أستغرب أن يكون هذا القرار من صنيعة أحد المستشارين الوافدين، وإن كان منصفاً لطبق القانون على موظفي العدل الذين يعملون في الفترة المسائية 3 ساعات فقط.

مسلسل الاستفزاز لم ينته، فقد أصدر وزير التجارة قرارات بزيادة رسوم مواد البناء، ليواجه بسيل من تغريدات النواب والكثير من المواطنين خاصة من يستعد لبناء بيت العمر، تلك القرارات لم ولن تنتهي طالما مجلس الأمة شبه معطل ونوابه يخافون من حله، ويتغاضون عن قرارات بعض الوزراء ليتحولوا من نواب إلى مجرد مغردين يرفضون تلك القرارات، هذا الفراغ الدستوري جعل بعضاً من نواب الأمة لا يكذب ولكن يتجمّل، فعلى سبيل المثال يعرف بطريقة أو بأخرى خبراً شعبياً بإصدار أوامر بناء لقسائم سكنية، فيسارع إلى التصريح والمطالبة وكأنه من أجبر الوزير على ذلك، ويخدع البعض بمعارضته المتأخرة عندما أدرك أن هناك تشكيلاً وزارياً قادماً.

أعتقد أن الفراغ الدستوري أوجد كثيراً من الخلل والانفراد في القرارات وإصدار التنقلات وغيرها التي أخلّت بمبدأ تكافؤ الفرص وزعزعت الثقة لدى المواطن الذي كان يتأمل خيراً في هذا المجلس، فقد اتضحت ملامح الطريق السياسي والذي تقوده الحكومة باحتراف بعد أن أصبحت هي صاحبة القرار وصمت نواب الأمة بكل أسف وكأنهم قد قبلوا بهذا الوضع، فحتى نجد مجلس الأمة سيكون لنا حديث آخر.

Mesfer alnais@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي