No Script

رؤية ورأي

جامعات الجيل السادس

تصغير
تكبير

نقلت إحدى الصحف الإلكترونية الكويتية عبر حسابها في «تويتر» تصريح رئيس مجلس الإدارة التأسيسي لجامعة عبدالله السالم، الدكتورة موضي الحمود، الذي جاء فيه أن «جامعة عبدالله السالم سوف تكون أكاديمية بحثية من جامعات الجيل الرابع».

وهو تصريح إيجابي من منظور معظم الأكاديميين، إلا أن أوّل التعقيبات على التصريح جاء صادماً مخالفاً لرأي الأكاديميين منتقصاً ما اعتبروه ارتقاءً أكاديمياً، حيث جاء في التعقيب أن «الناس وصلت إلى الجيل السادس، والأخت للحين تتكلم عن الجيل الرابع».

هذا التعقيب العنيف ينبغي التوقّف عنده والتمعّن فيه واستخلاص الدروس منه، ولكن قبل ذلك لابد من استعراض بعض المعلومات المقتضبة حول الأجيال الستّة من الجامعات، لأهميتها الذاتية وفي تحديد معالم جامعة عبدالله السالم، وكمقدّمة لتقييم التعقيب.

الجيل الأول من الجامعات تمركزت أنشطتها في التدريس الأكاديمي وانصبّ اهتمامها على تأهيل كوادر متخصّصة جاهزة للانخراط في سوق العمل المحلّي غالباً، والإقليمي والعالمي أحياناً.

وأما الجيل الثاني، فهو الجامعات التي أضافت البحث العلمي كنشاط رئيسي إلى جانب التدريس، واهتمّت بتخريج العلماء والباحثين العلميين كهدف رئيسي ثان إلى جانب تخريج الكوادر المتخصّصة.

وأمّا الجيل الثالث، فيتضمّن الجامعات التي أضافت نشاطاً رئيسياً ثالثاً وهو خلق قيمة اقتصادية للأفكار والابتكارات من خلال تطبيقها وتسويقها خارج أسوار الجامعة.

ومن بين أمثلتها، بدء ابتكارات في الأسواق الخدمية والسلعية ومساعدة شركات رائدة على النشوء والاستمرار والتوسعة.

وبالتالي تبنّت جامعات الجيل الثالث إعداد روّاد الأعمال كهدف رئيسي ثالث إلى جانب إعداد الكوادر المتخصّصة والعلماء.

ثم ظهرت جامعات الجيل الرابع استجابة لتفاقم تحدّيين عالميين.

الأول هو الأزمات البيئية وتبعاتها الكارثية على استدامة التنمية، والسبب الثاني هو التسارع التصاعدي في معدّل التطورات في العالم، وما نتج عنه من انكماش في قدرة الجامعات على مواكبة التطورات.

فالتطوّرات في العالم تتسارع بوتيرة أسّية (exponential)، في حين قدرات ومخرجات الجامعات تتزايد بوتيرة خطية (linear).

لذلك، في جامعات الجيل الرابع، استبدلت المنظومات المحلّية للابتكار المبني على النماذج الاقتصادية الخطّية بمنصّات دولية للابتكار القائم على نماذج الاقتصاد الدائري المستدام.

وتحوّلت الجامعات من خالقة للقيمة المضافة إلى محفزة وشريكة في شبكات محلية خالقة للقيمة المضافة، وأصبحت الجامعات تنمي مكانتها الدولية وتُعزّز شبكتها المحلية، فتعير أساتذتها للعمل الجزئي كخبراء واستشاريين في الجهات الحكومية وغير الحكومية بالتزامن مع حرصها على الانتداب الجزئي لموظفين ومسؤولين من جهات متنوّعة كالحكومية والصناعية والعلمية والاجتماعية.

وأما الجيلان الخامس والسادس من الجامعات، فلم أجد لهما ذكراً إلا في التعقيب العنيف أعلاه، الذي صدر من مغرّد، استبدل صورته الشخصية بصورة فلكية مركّبة كتب عليها جملة ركيكة باللغة الإنكليزية، وكتب في سيرته الذاتية المختصرة «التفكير النقدي». المراد أن التعقيب مغلوط رغم الهوية والتغريدات العلمية للمغرّد المعقّب.

هناك ملاحظات عدّة حول التغريدة تستحق الإشارة إليها. فمن المنظور الإيجابي، لوحظ انخفاض شديد في عدد الرسائل المغلوطة – الأصلية والمعادة – التي تبث مشاعر الإحباط والغضب في المجتمع عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وأما من المنظور السلبي، فقد تبيّن أن السبب الأساس وراء هذا الانخفاض ليس نماء ولا نضوج وعي المجتمع، بل التبدّل الجذري في تشكيلة المجلسين التشريعي والتنفيذي، وسيطرة الجناح المشاغب – الذي كان يبث الإحباط والغضب – على مفاصلهما.

والملاحظة السلبية الثانية الأخطر على فرص الإصلاح والتنمية، فهي تهادن المجتمع مع النوّاب والسياسيين والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين خدعوه في السابق، وانكشفوا على حقيقتهم بعد الانقلاب على مبادئهم... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي