كوخافي يحضّر لمستقبله السياسي بانتصارٍ استخباراتي «وهمي»

«حزب الله» يُحْبِط إنجازات إسرائيل بـ... «حقيبة واحدة»

تصغير
تكبير

- ما يتمّ استيراده من إيران «مفاتيح دقيقة» تُستخدم بالعقل الإلكتروني للرؤوس المتفجرة
- الصواريخ والمسيَّرات تُصنع محلياً في ورش تَنتشر تحت الأرض في سورية ولبنان
- بين 2006 و2010 أَغرقتْ إيران حلفاءها بالأسلحة والصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة

قال رئيس الأركان الإسرائيلي اللواء أفيف كوخافي - الذي تبقى له أقل من شهر لمغادرة منصبه - أنه «المسؤول عن ضربة جوية استهدفت شاحنة من بين موكب مؤلف من 25 شاحنة تحمل أسلحة إيرانية على الحدود العراقية - السورية ومتّجهة إلى لبنان، معطِّلاً مشروعاً إيرانياً لوضع مئات صواريخ أرض - جو في سورية ولبنان في نوفمبر الماضي».

فما هدفه من تسريب هذه المعلومات التي من المفترض أن تكون سرية والتي لا تحمل دلائل تكشف مصدرها؟

في أكتوبر الماضي، صوّت مجلس الوزراء الإسرائيلي على تعيين الميجر جنرال هيرتسي هاليفي، رئيساً جديداً لأركان الجيش ليصبح القائد الـ 23 للجيش الإسرائيلي في 17 يناير المقبل.

ويشرح مصدر مطلع على تفاصيل العملية لـ «الراي»، أن «كوخافي يقدّم سيرته الذاتية ليفتح الطريق أمام مستقبله السياسي قبل خروجه من قيادة الأركان، كما هي الحال المتبعة داخل المؤسسة السياسية التي تُعَدّ أنها جيش لديه حكومة، كما يُثْبِتُهُ التاريخُ العسكري للسياسيين وقدوم غالبيتهم من قيادة الأركان، مثل أرييل شارون وبيني غانتس وغابي أشكينازي وموشي يعلون وايهود باراك وإسحق رابين وموشي دايان وغيرهم».

ويشرح «أن تصريحات كوخافي هي بطولة وهمية أراد إبرازها قبل تقاعده ليفتح الطريق أمام مستقبله السياسي بناء على معلومات خاطئة ومضللة».

ويؤكد المصدر أن «من المعلوم لدى إسرائيل وأميركا أن حزب الله لم يعد يحتاج لنقل الصواريخ والأسلحة من إيران، حتى المتطورة منها لأن كل مواد التصنيع والمواد الأولية - بما فيها الفولاذ والشرائح الإلكترونية - موجودة في الأسواق اللبنانية.

وما يتم استيراده من إيران هو المفاتيح الدقيقة التي تُستخدم بالعقل الإلكتروني للرأس المتفجّر.

وهذه المفاتيح تأتي بحقيبةٍ واحدة تلبي احتياجات المئات من الصواريخ الدقيقة المصنَّعة محلياً في ورشٍ تحت الأرض موجودة في سورية ولبنان وتعمل بكامل طاقتها».

ويشرح المصدر أن «المقاومة (حزب الله) تستورد محرّكات الطائرات المسيَّرة ويتم تطوير هذه المسيَّرات على أيدي مهندسين واختصاصيين محليين في لبنان لتنتفي الحاجة للنقل والتكلفة الباهظة والخطورة التي يترتّب عليها اجتياز الحمولات العسكرية حدوداً دولية بما يضع القدرات المتطورة في خطرٍ مستمرّ جرى تجاوُزه بتصنيعٍ محلي أكثر جودة وبحسب الحاجة وقدرات التخزين».

ويتابع أنه «منذ عام 2006 لغاية عام 2010، أَغرقت إيران حلفاءها بمختلف أنواع الأسلحة والصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة وطوّرت دقة الإصابة لمئات الصواريخ.

وباندلاع الحرب في سورية وانكشاف أهداف حلفاء إسرائيل لجهة إغلاق خط الإمداد للمقاومة في لبنان عن طريق سورية، عملتْ إيران مع حلفائها على إستراتيجية جديدة تقضي بإنشاء معامل محلية ونقْل الخبرات والمواد الإلكترونية الدقيقة فقط بعدما بدأت إسرائيل باستهداف عملية النقل منذ السنة الأولى من الحرب».

وبحسب المصدر «فإن المستودعات امتلأت من التصنيع المحلي، والكوادر المهيأة والمدرَّبة أنتجت صواريخ الفاتح 110 المتطورة والمسيَّرات الانتحارية والتصويرية والمسلّحة ضد الأفراد والآليات بأحجام مختلفة.

وقد أثبتت هذه التكنولوجية أهميتها في الحروب المتطورة وآخِرها في الحرب الدائرة في أوكرانيا ما جعلها درة الحرب المقبلة بكلفة بسيطة.

وتالياً فإن أي استهدافٍ إسرائيلي لأي قافلة، أو أي قوة استخباراتية لا تستطيع منْع وصول حقيبة تحمل كل ما تحتاجه الصناعة الحربية المتطوّرة من قبل فرد واحد».

ويؤكد المصدر المطلع أن «المقاومة تنقل المحروقات والمازوت الإيراني باستمرار من طرطوس إلى داخل لبنان ليوزَّع على البيئة الحاضنة في موسم الشتاء خصوصاً في البقاع الشديد البرودة.

فلماذا لم تستهدف إسرائيل أي قافلة نفطية رغم النقل العلني؟ لن تجرؤ إسرائيل على استهدافِ أيٍّ من قدرات المقاومة العسكرية أو النفطية لأنها تُعتبر أراضٍ لبنانية متنقلة وسيتم الرد على أي تَعَرُّضٍ لها.

وهذا ما تخشاه وتتجنبه تل أبيب التي تستعرض قدرتها على ضرب أهداف تنقل مواداً للاستخدام المدني».

ويضيف المصدر أن «الاستهداف الأخير الإسرائيلي اختار شاحنةً بداخلها أدوات تجهيز للمكاتب والسجاد والأرز وزيوت عراقية وحليب إيراني للأطفال من نوع APTAMIL - واحد واثنين وثلاثة - الذي فُقد من الأسواق اللبنانية لأسابيع بعد الاستهداف الإسرائيلي.

وتريد إسرائيل المساعدة بالحصار الضاغط على الشعب اللبناني خصوصاً البيئة الاجتماعية اللصيقة بالمقاومة بهدف ممارسة المزيد من الضغط على لبنان».

و«من الظاهر أن كوخافي يحجز لنفسه مكاناً في العمل السياسي ويستعرض بطولاته وإنجازاته القتالية ومشاركته في معارك»، بحسب المصدر.

ولم تشنّ إسرائيل حرباً على لبنان منذ 17 عاماً... وفَرَضَ «حزب الله» توازن «الردع الإستراتيجي» لدرجة أنه أجبرها على ترسيم الحدود البحرية، لتتجنب صواريخ الحزب البحرية سطح - سطح الأسرع من الصوت والدقيقة والتي أصبحت بحوزته.

بل أكثر من ذلك، يتحدث القادة عن انقسام المجتمع الإسرائيلي وعن قلة قدرته على تحمل التضحيات و«رفضه إرسال أبنائه إلى الموت»، كما يقول الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية (أمان) اللواء عاموس يادلين، مقابل «استعداد أعداء إسرائيل للصمود والتطور والتضحية».

وفي رأي أوساط غير بعيدة عن «حزب الله»، أن إسرائيل لن تستطيع أبداً اجتثاث القدرات والمعرفة والخبرات المتراكمة للحزب. وتالياً فإن أي حربٍ تفكر بها ليس فقط لن تحقق نتائجها، بل ان«التطور العسكري واستخلاص العِبر من حرب أفغانستان والعراق وسورية ولبنان وفلسطين وأوكرانيا، قدّم الكثير من الدروس للتأقلم مع الحروب المقبلة ومواكبتها».

من هنا، وفق الأوساط نفسها، فإن«خسائر إسرائيل - في ظل مجتمع منقسم يتعرّض لمقاومة داخلية فلسطينية مستمرّة، وعجز عن قمْعها - ستكون مخيفة ما يردعها عن القيام بأي مغامرة عسكرية مهما عظمت قدراتها وأسلحتها المدمّرة».

في السياق، حذرت صحيفة«هآرتس»من أن رئيس الوزراء المُكلف بنيامين نتنياهو«يُضْعِف الجيش لمصلحة المستوطنين بهدف حماية الأمن الداخلي المشتعل، وأن وزير الأمن الجديد إيتمار بن غفير قد تسبب بفقدان حافز الدفاع في ظل غياب العقيدة الأساسية للقتال ونقله سرايا حرس الحدود من القيادة الوسطى إلى النقب، وأن هناك نقصاً كبيراً بأذرع الجيش، كماً ونوعاً، وأن سلاح الجو الذي تعتمد عليه إسرائيل في كل حروبها سيفقد 55 في المئة من خبرته المهنية والقتالية».

إلا أن تل أبيب نجحت في«معاركها بين الحروب»في الساحة السورية لأعوام طويلة بسبب رفض الرئيس بشار الأسد استخدام«معادلة الردع»في الوقت الراهن.

لكن الجيش الإسرائيلي انسحب عن الحدود مع لبنان لأشهر عدة بعد تهديد«حزب الله»بقتل أحد ضباطه عند أول مناسبة. وقدّم نتنياهو«دمى عسكرية»لينهي إحراجَه أمام الجيش والمجتمع المدني تَجَنُّباً لمعركة مع لبنان.

إذاً فإن«إستعراض القوة»هو جلّ ما استطاع كوخافي تحقيقه قبل توديع حياته العسكرية ليبدأ حياةً سياسية، يبدو أنه يعمل لها ومن أجل أن تبقى في ذاكرة الإسرائيليين«إنجازاتُه» التي ادّعى أنه بطلها على الحدود العراقية - السورية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي