طريق وعر نحو النهائي مجدّداً
«الديوك»... صدمات ومطبات
من إحراز اللقب في موسكو قبل أكثر من 4 أعوام الى نهائي مونديال قطر 2022، الأحد، في الدوحة، عانى المنتخب الفرنسي من صدمات ومطبات واستدعاء غير متوقّع لكريم بنزيمة وظهور جيل جديد محاط بمخضرمين مثل هوغو لوريس وأوليفييه جيرو.
وبعد الليلة المجنونة في 15 يوليو 2018 على ملعب «لوجنيكي» في موسكو، عاش المنتخب الفرنسي خريفاً متضارباً ومن دون اهتمام حقيقي بمسابقة جديدة هي دوري الأمم الأوروبية، التي خاضها «الديوك» بلا تجديد دماء باستثناء قدوم تانغي ندومبيلي، فرلان مندي أو ألحسن بليا.
ارتقى الفرنسيون الى حد ما لمكانتهم كأبطال عالم لكنهم عرفوا بعض المطبات مثل السقوط أمام هولندا في دوري الأمم وتركيا في تصفيات كأس أوروبا (بنتيجة واحدة بهدفين نظيفين) في نوفمبر 2018 ويونيو 2019.
هاتان المباراتان كلفتا غالياً الفرنسيين، إذ تسبّبت الأولى بحرمانهم من التأهل الى المربع الأخير للمسابقة القارية الجديدة، والثانية في تنازلهم عن صدارة مجموعتهم في تصفيات كأس أوروبا 2020.
وفي خريف 2019، استولت الكآبة على «الزرق» بسبب الفشل الهجومي، ففاجأ ديشان الجميع مساء مباراته رقم 100 كمدرب ضد ألبانيا، إذ اختار تكتيكاً غير مسبوق مع 3 مدافعين من أجل وضع لاعبيه الهجوميين في أفضل الظروف الممكنة. التجربة أعطت ثمارها وعاد أنطوان غريزمان ليصبح «متألقاً» مرة أخرى، بحسب المدرب.
ثم تدخلت جائحة «كورونا» لتُعلّق كرة القدم الدولية نحو 10 أشهر.
وعند الاستئناف، حصلت المفاجأة وعاد ديشان ليستدعي أدريان رابيو المُبعد عن المنتخب منذ رفضه أن يكون على لائحة الاحتياطيين لمونديال 2018. نجح لاعب وسط يوفنتوس الإيطالي، الذي يعتبر البديل الطبيعي لبليز ماتويدي، في فرض نفسه سريعاً في الفريق المثالي لديشان، على غرار التشكيلة الراهنة لمونديال قطر.
وسقط «الديوك» في مباراة ودية ضد فنلندا بهدفين، لكنهم حقّقوا حملة ناجحة في دوري الأمم (5 انتصارات وتعادل واحد)، مع مباراة مرجعية خلف أبواب موصدة في البرتغال فازوا بهدف نغولو كانتي.
وقبل أشهر قليلة من كأس أوروبا التي تأجّلت من 2020 الى صيف 2021 بسبب فيروس «كورونا»، برزت فرنسا كمرشّحة طبيعية للفوز باللقب، لاسيما مع ظهور وجوه جديدة جددت دماء التشكيلة مثل إدواردو كامافينغا، دايو أوباميكانو، الحارس مايك مينيان وماركوس تورام.
في 18 مايو 2021 حدثت مفاجأة جديدة، حيث قرّر ديشان إعادة استدعاء كريم بنزيمة بعدما استبعده طيلة 5 أعوام ونصف العام بسبب قضيته مع الدولي السابق ماتيو فالبوينا.
وفي مباراته الثانية بعد العودة، خرج بنزيمة من الملعب أمام بلغاريا بسبب الإصابة، ليحل بدلاً منه منافسه التاريخي أوليفييه جيرو، الذي سجّل ثنائية وأشعل النار خلف الكواليس بتصريح موجّه الى زميله كيليان مبابي ينتقد فيه عدم حصوله على «كرات جيدة» خلال المباراة.
وقعت فرنسا في «مجموعة الموت» خلال كأس أوروبا، فتغلّبت على ألمانيا، ثم تعادلت مع المجر والبرتغال. حلّت أولى في المجموعة لتواجه سويسرا، التي بدت في طريقها للخسارة في ثُمن النهائي أمام جارتها، لكنها عادت من بعيد وأدركت التعادل 3-3 في الوقت القاتل، لتفرض شوطين إضافيين ثم ركلات الترجيح، التي ابتسمت لسويسرا لينتهي بذلك مشوار أبطال العالم.
وللمرة الأولى منذ تسلمه المنصب، لم يمدّد ديشان عقده لما بعد كأس العالم 2022، كان يعلم أن مستقبله سيعتمد على نهائيات قطر.
وردّ ديشان على المشككين به، وبخطته التكتيكية الجديدة نجح الفريق في قلب تخلفه بهدفين أمام بلجيكا في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية الى فوز، قبل أن يتخطّى إسبانيا في النهائي 2-1 بعدما كان متخلّفاً أيضاً.
وبمساهمته بهدفين في هاتين المباراتين، احتفل بنزيمة بأول تتويج له مع «الديوك».
وعلى الرغم من الاختلالات الدفاعية، يبدو أن روح موسكو تطفو على السطح مجدّداً مع بروز نجم لاعبَين لا غنى عنهما في التشكيلة الأساسية مثل ثيو هرنانديز وأوريليان تشواميني.
وبعد سلسلة من 7 انتصارات متتالية، حصلت الانتكاسة خلال تجمع يونيو، بسبب كثرة الإصابات التي تسببت بإنهاء رجال ديشان الموسم بهزيمتين وتعادلين.
وفي سبتمبر ووسط استمرار مشاكل الإصابات، سقط الفرنسيون مرة ثانية أمام الدنمارك بهدفين نظيفين بعد الأولى 1-2 في يونيو، ما دفع ديشان للتخلّي عن خطة اللعب بثلاثة لاعبين في قلب الدفاع ضمن رؤيته لمونديال قطر.
وكانت الاستعدادات لكأس العالم مصحوبة بالشكوك بسبب لعنة الإصابات التي حرمت «الديوك» من جهود بول بوغبا، كانتي، بنزيمة، كريستوافر نكونكو، بريسنيل كيمبيمبي ومينيان.
وفي أول مباراة في النهائيات، انضم لوكاس هرنانديز الى اللائحة بعد إصابته في الفوز الافتتاحي على أستراليا 4-1 والذي أتبعه الفرنسيون بانتصار مقنع على الدنمارك 2-1، قبل أن يريح ديشان أساسييه ما تسبب بالسقوط في الجولة الأخيرة أمام تونس بهدف.
وعاد الأساسيون الى التشكيلة في ثُمن النهائي ضد بولندا ليساهموا في فوز مريح 3-1، قبل المعاناة في ربع النهائي لتخطّي إنكلترا 2-1 بفضل هاري كاين، الذي أهدر ركلة جزاء كانت ستجر فرنسا الى التمديد على أغلب الظن.
وفي نصف النهائي، بكّر الفرنسيون بالتسجيل في مرمى المغرب عبر المدافع هرنانديز، قبل أن يحسم البديل راندال كولو مواني بطاقة التأهل حيث تنتظرهم الأرجنتين في نهائي ناري هو الرابع في تاريخ «الزرق».