No Script

من الخميس إلى الخميس

بلدٌ متقدمٌ وآمن

تصغير
تكبير

لدينا في الكويت ثُلث ديموقراطية وبهذا الثلث تعيش الكويت بسلام، صحيح أن قوة الثلث ليست بقوة الكل ولكن الأمور ماشية.

معارضة الكويت معارضة حميدة ليس منها مضرة، فهي تنتقد وأحياناً يعلو صوتها ولكنها تخاف على وطنها، والحكومة لديها ثُلث قوة الشارع تستخدمها وقت الحاجة، وقد ارتأت القيادة السياسية هذه المرة عدم استخدامها لتحقيق رصيد أكبر للعملية الديموقراطية، من جهة أخرى لدى الحكومة تقريباً ثُلث أصوات مجلس الأمة المُنتخب، إذاً الوضع هادئ ومريح، فأين إذاً المشكلة؟ وهل سيستمر رغم هذه التغيرات الإيجابية، سيستمر تذمر الشعب؟

عادةً أغلبُ الناس يتذمرون لأنهم يخافون على مستقبلهم، الخدمات تتراجع والرفاهية أصبحت بالأقساط، والأسعار أصبحت خارج متناول الشباب، فلم يعد أغلب الشباب يحلمون بامتلاك بيت إلا ما سوف تمنحه لهم الحكومة بعد عقد أو عقدين من الزمن، حتى إيجار الشقق والأدوار أصبحت تستهلك ثُلثَ المعاش إن لم يكن نصفه، لقد كان الأمل معقوداً على تسارع خطة التنمية، كان الأمل أن نتحرك بعجلة التنمية بكل قوة، ولكن لماذا تُقلد التنمية الديموقراطية فتسير بثُلثِ طاقتها! فإذا كنا نتحمل ثلث الديموقراطية فليس لنا القدرة على تحمل ثلث التنمية، والسبب أن التنمية لابد أن تسير بكل طاقتها حتى ندرك ما فاتنا وهو كثير.

إن خطة التنمية التي أقرها مجلس الأمة في أوائل عام 2010، والتي كان من المفترض ان تنتهي في مارس عام 2014، وفق وثيقة الرؤية المستقبلية الممتدة إلى عام 2035، هذه الخطة التي تفاءل بها آنذاك الشعب الكويتي برمته لم تكتمل بالشفافية والمتابعة التي تخفف من تذمر الناس وتطمئنهم على مستقبلهم أو على ثلث مستقبلهم على الأقل، إن مؤشرات (indicators) العملية التنموية انتهت منذ ثمان سنوات؛ ورغم اعتماد الكويت لأموال ضخمة بلغت 44.5 مليار دينار لتنفيذ خطة التنمية خلال السنوات الماضية، إلا أن الصرف الفعلي على مشاريع التنمية لم يتخطَ سوى 37 في المئة فقط من إجمالي المبالغ المالية المرصودة لتنفيذ أكثر من 6 آلاف مشروع تنموي، هناك إذاً فجوة كبيرة بين الاعتماد والصرف الفعلي.

كما أن أهم مواطن الخلل في تنفيذ خطة التنمية هي في نقص الكوادر المؤهلة المحترفة في مجال تنفيذ الخطط التنموية؛ وغياب التدريب والتأهيل الحقيقي الفعال للموظفين طوال تدرجهم الوظيفي؛ وكذلك غياب المحاسبة؛ وضعف في الرقابة الجادة؛ وتعدّد الدورات المستندية وطول وبطء إجراءاتها، وقد ذكرت بعض التقارير أن الجهاز الحكومي تنقُصُهُ المرونة في التفويضات، وهذا ينعكس على مسيرة خطة التنمية.

إن من أهم وأبرز المعوقات في تنفيذ مشاريع التنمية هو عدم فعالية النُظُم المالية لتُجاري وتُعزز خطة التنمية، ناهيك عن تأخر اعتماد وربط الميزانية السنوية وانعكاساتها على توقف أو تأخر المشاريع، وبالإضافة إلى ذلك كله فهناك خطر يتمثل في تضخم الجهاز الحكومي والذي يؤدي إلى تشابك وازدواج في الصلاحيات الإدارية بين مختلف الجهات المعنية بالشأن التنموي.

أما أكبر المعوقات التي يصعب حلها بسبب تدخلات النفوذ فإنها تتمثل في تأخر وبطء المقاولين وعدم التزامهم ببرنامج العمل المخطط؛ وضعف الإمكانات المالية والفنية للبعض منهم؛ واستغلال البعض للعقود الحكومية لمزيد من المنافع التي تأتي بالتأخير والأوامر التغييرية وهي عوائق خاصة بموقع المشروع والتعديل والتغييرات المستمرة.

بل إن خطة التنمية تعرضت لانتكاسات من قبل بعض الوزراء الذين لم تسعفهم قدراتهم على مسايرة الخطة، وعندما ودّعوا مناصبهم وضعوا أنفسهم بما ملكوا من نفوذ في مواقع مهمة دون أن يكون لهم القدرة على القرار، فتأثر بذلك من أتى بعدهم من وزراء وحالت المجاملات دون تصحيح الوضع.

اليوم، هناك فسحة لدى الحكومة، عبّر الشعب عن حبه لبلده في الانتخابات النيابية وجاءت كل النتائج وفق رغبة السلطة التنفيذية، فلا يوجد اليوم عذر لعدم تحقيق طموح الشعب في تنمية مطلوبة على وجه السرعة، كل ما نحتاجه إعادة الدماء المُخلصة لخطة التنمية؛ وبث الروح فيها؛ وإزالة معوقاتها، وكما نقول دائماً الشعب الكويتي حبيب يستحق أن يحيا في بلد متقدم وآمن.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي