وطننا الكويت يمر بمرحلة جديدة، مرحلة بداياتها مليئة بالأمل.
الرأي العام الكويتي ومعه جزء من أعضاء مجلس الأمة خاضوا جميعاً صراعاً من أجل الكويت، ونجحوا في إعادة أمور كثيرة إلى نصابها، وبعد أن أعطى الشعب صوته لمن يُمثله لم يفز كل المصلحون، وهذه طبيعة الحياة ومن يبحث عن الدولة الكاملة سوف يفشل في النهاية.
أثناء الخلاف، تكلم لدينا مثقفون وأصحاب قلم وحزبيون يشكلون البحر الثقافي في الكويت، بحر هائج فوق سطحه كانت أسماك القرش تقطم كل من يخالفها، تحارب من أجل بقاء الوضع على ما هو عليه، وتم استخدام وسائل التواصل لخلق رأي عام، كلٌ وفق ما يراه.
والنتيجة أننا حُرمنا من أدب الحوار ممن يُفترض أن يُعلّموا الناس أدب الحوار، وتنافس أيضاً ساسة وأعضاء مجالس مُنتخبة، تنافسوا وتصارعوا، كان بعضهم يرى الكويت أمامه وكان البعض الآخر يرى نفسه في المرآة.
وابتعدت الحكومة الرشيدة عن الصورة، لتزداد الضبابية، انقسم الشارع الكويتي بين موالاة ومعارضة، موالاة لمن ومعارضة ضد من؟ موالاة لجزء من النواب ومعارضة لجزء من النواب، وللمرة الأولى لم تكن الحكومة جزءاً من الصراع، كانت فقط تتفرج، ولم يعرف المراقبون على وجه اليقين من تقف الحكومة معه ومن تقف ضده.
وتم استدعاء أصحاب السكاكين وبدأت عملية التمزيق ومازال البعض يعتقد أنه على حق وأن الآخرين على باطل رغم وضوح الصورة.
زادت الشِقّة وكل طرف أدار ظهره للآخر ومشى في طريقه، وكل يوم تزداد المسافات بينهما بُعداً فلم يعد أحدهما قادراً حتى على سماع الآخر.
على من نالوا ثقة الشعب من المصلحين أن يحققوا أمل الشعب، أتمنى أن يكونوا عنوان المرحلة المقبلة، أصحابه لا يَجزِمون بأن الحق معهم في كل حال، بل إنهم يبحثون عنه في كل زاوية، طرف أصحابه لديهم استعداد للاستماع للآخر، كما أن لديهم الرغبة لمساعدة الطرف الآخر من أجل أن يتفاهما، وأن يتجاوز المُصلح عن المُفسد، يتجاوز المُصلح من أجل تحويل اتجاههم ليقتربا من بعضهما، ومن أجل أن يستمعا لبعضهما، ففي النهاية الحقد لا يُوّلد إلا الحقد.
اليوم، هناك تفاؤل بأن الصرعة ذهبت وأتت الفكرة، وأن من الخطأ تصنيف أي طرف بالمنتصر، ففي قضايا الوطن كلنا منتصرون أو كلنا منهزمون.
بدأت النفوس تهدأ، وأصبح لدى الكثير من الشعب الكويتي زُهدٌ في الصراخ وفي السَباب، بل إن الكثير اليوم يتحدث عن بداية المصالحة الوطنية التي ستكون عنوانا لكتاب (كويت المستقبل).
كويت المستقبل التي نتحدث كلنا عنها، ونتمناها لأجيالنا القادمة، ورغم سعادتنا بضحكات أحفادنا إلا أننا سُرعان ما نقلقُ عليهم، فحاضرُنا، كما ترون، وكما تكشفه أرقام البنك الدولي والتقارير المحلية والدولية، حاضرٌ كسول جداً فنحن لم نُعّد لهم بعد ما يجعلهم آمنين في مستقبلهم، من يعتقد أن معه الحق دائماً سيكون جزءاً من المشكلة، فكل طرف لديه قطعة من المنفعة وفي اجتماعهما تكون المصلحة كاملة.
أصحاب الفتن والنفوذ مدعوون أيضاً لأن يعيدوا تفكيرهم، فهم أصحاب مصلحة في حماية أحفادهم، فليس بالمال وحده يسعدُ الإنسان، وإذا ضاع الوطن فلا قيمة للإنسان، وإن ارتدى أفضل الملابس وسكن القصور، فالإنسان هو الوطن، ومن ضاع وطنه تراه يبحث عن فقيد هو أغلى من نفسه، يبحث عن الوطن.
تعالوا نبني وطننا، شعار جميل مع احتفالاتنا بقادة لنا متفهمون، وإرادة شعب يعشق بلاده ويعمل من أجلها... هنا الكويت.