No Script

رأي نفطي

مبادرة الدول السبع... تفوح ابتزازاً وتهديداً

تصغير
تكبير

اعتمدت الدول السبع الثرية سقفاً لسعر النفط الروسي، لكن من دون الإعلان عن الرقم المطلوب لبيع وشراء البرميل الروسي، متناسية أهم مبادئ حق حرية التجارة وعدم التحكم في التجارة، خصوصاً في تحديد سعرالسلع والمواد الخام، من أجل تحجيم قيم صادرات روسيا النفطية إلى الخارج ومنعها من الحصول على التدفقات المالية لمساعدتها في تمويل حربها على أوكرانيا.

وكأن روسيا سترضخ للضغط والأساليب غير الواقعية وغير العملية وغير المجدية، والأهم... غير شرعية، علاوة على حاجة الدول السبع إلى موافقة الدول المستوردة الكبرى للنفط الروسي مثل الصين والهند، حيث تستوردان نحو 2 مليون برميل في ما بينهما.

ومن الدول السبع نحو 4 دول ليست بحاجة أصلاً إلى النفط والغاز الروسيين، مثل الولايات المتحدة الأميركية وكندا وبريطانيا واليابان، والدول الأكثر تضرراً واعتماداً هي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا خصوصاً مع قطع إمدادات الغاز الروسي، ومن دون وجود أي بديل عملي آخر لاستيراد الغاز، وهي الطامة الكبرى. وفي المقابل، ستسمح الدول السبع بشحن النفط الروسي والتعامل بحرية مع شركات التأمين، لكن أين البديل عن الغاز للدول الأوروبية، وآلية الاستيراد، وهل لدى ألمانيا البنية التحتية لاستقبال وتفريغ الغاز المستورد؟!

وماذا عن التزامات روسيا أمام دول منظمة (أوبك+)، وكيف أن توافق دولة كبرى ومن أكبر منتجي النفط الخام في العالم أن تتحكم بها وفي موردها المالي الأهم وبأكثر من 50 في المئة من إجمالي إيراداتها اليومية. هناك دول تتحكم فيها في مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، وكيف أن توافق مثلاً الصين والهند على الشروط الأجنبية؟

وبكل سهولة، ستعرض روسيا شروطاً وإغراءات أكبر وأفضل طوال الوقت، هذا بالإضافة إلى أن هناك وسائل وطرقاً وأساليب لتسويق النفط وبشروط وبأسعار أفضل وأرخص، كما هو الحال.

وخطورة هذا القرار هو قد يطبق علينا لاحقاً كدول نفطية، سواء على انفراد أو على منظمة أوبك، خصوصاً من الولايات المتحدة والكونغرس الأميركي باتهامنا دائماً بأننا نتحكم بالأسعار، ووراء رفعها، والأضرار بمصالحهم، وقد يستخدمونه لاحقاً كوسيلة ضغط وابتزاز. وعلينا جميعاً محاربة هذا القرار.

من الصعب عملياً أصلاً تحديد أسعارالسلع والبضائع من مجموعة دول على دول أخرى. أو الزام دول منظمة (أوبك+) بمعدل وسقف لسعر بيع النفط الخام، كما هو جارٍ لمحاولة تطبيقه على روسيا، علماً أن الوسائل كثيرة ومتعددة للالتفاف على هكذا قرارات أنانية.

يجب توخي الحذر من هذه المبادرة الخطيرة التي تصب في صالح الدول الغنية وقد تستخدم لاحقاً كعملية ابتزار وتهديد. وتحاول التحكم بأسعار السلع خارج نطاقها، وهي في مأزق من دون إمكانية حصول بعض الدول السبع على الغاز الروسي مطلقاً. وسيكون فعلاً برداً قارساً ومكلفاً على مستهلكي النفط والغاز، وعلى اقتصاديات هذه الدول.

فعلاً، إنها مبادرة ومحاولة خطرة.

كاتب ومحلل نفطي مستقل

naftikuwaiti@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي