أكد ضرورة التحرك العاجل لتصحيح وضعه وفق مسارين متلازمين
باسل الهارون: الاقتصاد الكويتي بنموذجه الريعي الحالي غير قابل للاستدامة
- المسار المالي يقوم على معالجة أوضاع الموازنة العامة وحصر دور الحكومة بمنظم ومشرف على النشاط الاقتصادي
- تحرير الاقتصاد وتحويله إلى إنتاجي ومعرفي وخدمي متنوّع الدخل يخلق حالة مستدامة
- المعالجة المطلوبة تتضمن تقليص المصروفات الجارية تدريجياً وإعادة تسعير بعض السلع والخدمات
- يتعيّن الاستثمار في التحول الرقمي والخدمات وسلاسل الإمداد ومواكبة نماذج العمل عن بُعد
- اختبارات الضغط تُظهر قدرة البنوك على تجاوز أي صدمات بما فيها رفع الضمان الحكومي عن الودائع
رأى محافظ بنك الكويت المركزي، باسل الهارون، أن الاقتصاد الكويتي بوضعه الحالي المعتمد على الريع أصبح غير قابل للاستدامة، لافتاً إلى الحاجة في ضوء المستجدات والتغيرات الديموغرافية والتحولات الإقليمية والدولية، والصدمات الخارجية المتكرّرة والأزمات الدولية، للتحرك العاجل على صُعد عدة وفق مسارين متلازمين.
وقال الهارون في مقابلة مع مجلة المصارف التي تصدر عن اتحاد مصارف الكويت، إن المسار الأول مالي ويتضمن اتخاذ إجراءات قصيرة الأجل تتسم بالسرعة لمعالجة أوضاع الموازنة العامة بغض النظر عن مستويات أسعار النفط، ويرتبط بضرورة احتواء المصروفات الجارية وتقليصها على نحو متدرج ومدروس، وعدم تخفيض الإنفاق الاستثماري ذي القمة المضافة للاقتصاد وتأكيد دوره الإنمائي، وحصر دور الحكومة بمنظم ومشرف على النشاط الاقتصادي.
وأضاف أن ذلك يترافق مع تفعيل منظومة الحوافز وآليات السوق، وتعزيز الكفاءة الاقتصادية، وتنمية الإيرادات غير النفطية، من خلال النظر في إعادة تسعير بعض السلع والخدمات العامة، بما يساعد على ترشيد استخدامها وتحسين نوعيتها والارتقاء بكفاءتها.
وتابع الهارون أن المسار الثاني يتمثل بخلق حالة اقتصادية مستدامة من خلال تحرير الاقتصاد والتركيز على تحويل النموذج الاقتصادي الكويتي الريعي الحالي إلى نموذج للاقتصاد الإنتاجي والخدمي والمعرفي، منوهاً إلى أنه ينبغي العمل على إعادة تشكيل الاقتصاد المحلي بما ينسجم مع التحديات المتعاظمة، وأن يتحول من اقتصاد ريعي إلى منتج على ضوء التغيرات المحلية والدولية.
وأكد الهارون أنه ينبغي تنمية مفهوم الإنتاجية في الصناعات غير التعدينية لزيادة نموها في مفهوم إشراك القطاع الخاص، بما يؤدي إلى التنويع الاقتصادي، وتوسع حجم الاقتصاد، وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في القطاعات غير الملموسة كالأصول القائمة على المعرفة والتي تشمل المعلومات الرقمية مثل البرمجيات وقواعد البيانات.
وشدّد على أهمية الاستثمار في التحول الرقمي والخدمات وسلاسل الإمداد الرقمية، ومواكبة التحول في نماذج العمل عن بعد لتشمل الاستشارات والتدريب والتعلم والتسويق، بما يسمح للكويت بالتطور في مجالات الابتكارات المالية المتعلقة بالرقمنة والذكاء الاصطناعي والروبوتات والبلوك تشين والتي تشكّل منطلقاً لازدهار واستدامة الكويت في المستقبل.
متانة المصارف
ورأى الهارون أن الوضع المالي للبنوك ومؤشرات الاستقرار يشيران إلى ما يتمتع به القطاع المصرفي من سلامة ومتانة عالية، منوهاً إلى أن اختبارات الضغط تظهر قدرة البنوك على تجاوز أي أزمات وصدمات، بما فيها رفع الضمان الحكومي عن الودائع.
وقال إن وضع رؤية لإنشاء نظام التأمين على الودائع لدى البنوك المحلية يهدف في المقام الأول إلى حماية المودعين خصوصاً الصغار منهم، وتعزيز الاستقرار المالي، والثقة بالقطاع المصرفي، وهو ما يتماشى مع تطبيقات العديد من دول العالم.
وأكد حرص «المركزي» على دعم القطاع المصرفي لما حققه من نجاح وتميز على المستوى الإقليمي، لافتاً إلى أنه أصدر في ضوء التطورات الاقتصادية المستمرة قراراً في 2019 يقضي بضرورة قيام البنوك بتجهيز إستراتيجية واضحة المعالم لمواجهة التحديات ومواكبة التطور التقني في الصناعة المصرفية وفهم توقعات العملاء واحتياجاتهم.
ونوه إلى أنه تم توجيه البنوك إلى إنشاء وحدة مستقلة للتخطيط الإستراتيجي والمتابعة، وإدارة خاصة بالتحول الرقمي والابتكار، ما يظهر دور «المركزي» في قيادة القطاع المصرفي نحو بناء إستراتيجيات المستقبل والاستفادة من التقنيات الحديثة وتعزيز الابتكار والتقنيات المالية.
تركيز على التحوّل الرقمي مصرفياً
ذكر الهارون أن «المركزي» بادر إلى تسريع التحول الرقمي لدى القطاع المصرفي من خلال إصدار الإطار العام لمتطلبات الأمن السيبراني في العام 2020، وتوجيه البنوك المحلية وشركتي «كي نت» و«ساي نت» لإعداد إستراتيجياتها الخاصة بصياغة المستقبل وتحديثها بشكل دوري، وإصدار الإطار العام للبيئة الرقابية التجريبية لخلق بيئة لاختبار المنتجات المبتكرة.
وأكد الهارون أن التوجه المستقبلي لـ«المركزي» يركز على تحقيق التحول الرقمي في القطاع المصرفي، في إطار حرصه المستمر على تطوير الصناعة المصرفية، وتحفيز الابتكار وتمكين التقنيات الحديثة، وتحقيق مزيد من التطور وتسريع التحول الرقمي على مستواه أو على مستوى المصارف لتقديم خدمات أفضل للعملاء.
ولفت إلى وضع «المركزي» لإطار عام يتيح المجال للبنوك لتقديم وتطوير خدماتها الرقمية من خلال السماح لها بتقديمها وفق 3 نماذج مختلفة، عبر وحدات رقمية ضمنها، أو بالتعاون مع طرف ثالث، أو من خلال تأسيس بنوك رقمية جديدة.
تعاون البنوك وشركات التكنولوجيا المالية
أو الاستحواذ عليهاأوضح محافظ «المركزي» أن التغير الكبير في التكنولوجيا ساهم في تأسيس عدد كبير من الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا المالية التي تتكامل مع القطاع المصرفي التقليدي، لتقديم خدمات أفضل للعملاء، مشدداً على أنه ينبغي على المصارف مواكبة التطورات التكنولوجية وتطوير قدراتها البشرية للتعامل معها بشكل آمن ومناسب.
ورأى أن القطاع المصرفي يواكب التكنولوجيا والخدمات المالية ويستفيد من كل ما هو جديد، مبيناً أن الأخيرة تشهد تطوراً متسارعاً واستحداثاً ملحوظاً للتطبيقات، ومرجحاً أن تتنافس البنوك وتتعاون مع شركات التقنيات المالية باستخدام التطبيقات التي تطرحها لزيادة خدماتها لعملائها، أو الاستحواذ عليها لتطوير منظومة أعمالها في فترة لاحقة.