No Script

خواطر صعلوك

أنا مو خدامة... أنا مثقفة !

تصغير
تكبير

أجد أحياناً بعض «البوستات» في السوشيال ميديا تقول «لا تتزوج إلا من فتاة تقرأ»، ثم يضعون صورة لفتاة تقرأ كتاباً وهي مندمجة، ويبدو عليها فقدان اللحظة التي حولها، أو أقرأ كُتباً عناوينها غريبة مثل «اخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة»، وعندما تشرع في القراءة تجد الكاتب يخبرك ويحثك على الزواج من فتاة «لم يسبق لك أن رأيتها في ملابس نظيفة بسبب قهوتها التي تحملها معها في كل مكان، وبسبب بقع حبر قلمها»، مع فتاة «تضحك بشدّة حين تخبرك أنها نسيت تنظيف غرفتها، وملابسها مبعثرة حول أغلفة الكتب وتعتذر منك وتخبرك أنها ستحتاج وقتاً أطول لتنزل إليك، وأن حذاءها مخبّأ أسفل جبل من الأقلام المكسورة التي كانت تحتفظ بها منذ أن كان عمرها 12سنة».

دعونا نتفق في البداية، ومن أولاً من أن الفتاة التي ملابسها ملطخة ببقع القهوة، والتي لا تنظف غرفتها، والتي لا تضع حذاءها في مكانه المناسب، والتي تراكم الأشياء فوق بعضها، هي في الواقع - وفي أقل ما يقال عنها- مهملة وفوضوية، ليس كفتاة تقرأ فقط ولكن أيضاً وكإبنة وكزوجة وأم.

ثم دعونا نتفق في الوسط، ومن ثانياً من أن قراءة الروايات والمجلات أو كتابة الخواطر والقصص والشعر، إذا لم ترتب فكر الإنسان وسلوكه وكيفية رؤيته لنفسه وللآخرين، وقدرته على أن يكون إنساناً أفضل بدور اجتماعي يليق، تصبح القراءة والكتابة وبالاً ومضيعة للوقت على صاحبها وعلى مَن حوله.

ثم دعونا نتفق في النهاية، ومن ثالثاً من أن الزواج ليس له علاقة بفتاة تقرأ الروايات، أو تخيط الملابس، أو تعمل على شاشة كمبيوتر، أو تلعب في المنتخب الوطني.

ثم ختاماً، ماذا فعل الذين قرأوا لديستويفسكي ونزاز قباني وأحلام مستغانمي وأغاثا كريستي؟

لقد فتحوا مكتبات ليبيعوا كتباً بأسعار رأسمالية ربحية حالهم كحال مدير تنفيذي لبنك أو صاحب مشروع يبيع لك الفلافل بدينارين!

لقد علمتني الحياة أن القراءة والكتابة والاطلاع ليست قيمة في حد ذاتها، بل تكمن القيمة في الإنسان نفسه وكيفية استخدامه لمثل هذه الأشياء، فشهادة الدكتوراه ليست قيمة في ذاتها، وكونك قارئاً أو كاتباً كذلك، فلا تنخدع بالمظاهر فليس كل ما يلمع ذهباً، ولئن تتزوج من فتاة نظيفة وقادرة على إدارة بيتها وتربية ابنائها خير لك من قارئة أو كاتبة فاقدة للحد الأدنى من مهارات الحياة والحياء، ثم اذا اختلفت معها حول ذلك قالت لك «أنا مو خدامة... أنا مثقفة» !

والأجمل من ذلك أن يرزقك الله بزوجة تقرأ الكتب والحياة معاً، كانت هذه خاطرة للهائمين بحب المظاهر على حساب المضمون.

وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

Moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي