No Script

من الخميس إلى الخميس

الوافدون... الوافدون

تصغير
تكبير

مازلت أذكر ردّ الرئيس الأميركي جورج بوش الأب، ردّه أثناء غزو العراق للكويت، حين سأله أحد المراسلين عن التظاهرات التي تنادي بعدم الحرب، أجاب الرئيس الأميركي قائلا: لو استمعنا إلى هؤلاء البسطاء لما أصبحت الولايات المتحدة أقوى دول العالم. انتهى كلام الرئيس الأميركي، وتحررت الكويت بفضل الله ثم بحكمة قادة التحالف.

القيادة لها شروطها، وليس من شروطها الخضوع إلى أمهات تخاف أن يذهب أبناؤها للحرب، ولا من علامات القيادة الاستماع إلى عامة لا يرون إلا ما يُلبي مطالبهم وحاجاتهم الخاصة بغض النظر عن المصلحة العامة أو مستقبل الوطن.

التظاهرات ظاهرة أصبحت أو ستصبح عن قريب من الماضي، حلّت محلها مواقع التواصل الاجتماعي، تلك المواقع التي يُعبّر فيها كل إنسان عن رغباته، وأيضاً يستثمر تلك المواقع من يبحث عن نشر فكر أو بثّ حملات، وبالطبع يغلف هؤلاء وأولئك رغباتهم وحملاتهم بشعارات وطنية أو بمصالح عامة حتى يقنع بها الآخرين.

ومن أسوأ ما يُروج له البعض تحت شعارات وطنية ذلك التعصب ضد الوافدين ولاسيما العرب منهم، السؤال مَن وراء ذلك التعصب، وما هي دوافعهم!

الواضح أن هناك حملة شبه مُنظمة نجحت في استقطاب أهل المصالح والعامة للدخول في تلك الحملة، وبالطبع مثل تلك الحملات تُخرج الأضغان وتُشعل منصات التواصل، وتتوسعُ النار بالأقوال والردود؛ وتستمر التُهم المتبادلة وتمتلئ القلوبُ بالأحقاد، بهذه الحرب الكلامية يحقق مَن وراء تلك الحملات أهدافها، أهدافٌ خبيثة على حساب مصلحة أمتنا العربية؛ وسلامة العلاقة بين أبنائها.

إن أصحاب القرار في بلادنا العربية، مثل الرئيس الأميركي، لا يلتفتون لتلك الحملات والضغوط التي تستهدف مصلحة الأمة؛ ولو تأثر بها أيّ قيادي فهو لا يستحق تلك القيادة وعليه أن يعود أدراجه إلى مقاعد العامة.

اليوم أمتنا العربية، التي هي رأس الحربة في الدفاع عن الإسلام، هي أُمة مستهدفة، والذي يستهدف أمتنا كثيرون، ويعرفُ المتابعون مَن وراء تلك الأحقاد، فهل نكتفي بالمعرفة ونترك النار مشتعلة في أراضينا وعلى حساب مستقبل أبنائنا؟

إننا جميعاً نحتاج اليوم إلى حملات مُضادة من جميع أبنائنا، أبناؤنا الذين يؤمنون بأن هذه الأمة أمة واحدة وأنّ مستقبلها واحد.

إن أمتنا العربية الكبيرة تملك روافدَ عدة، بعضها كبير وبعضها صغير، جميع هذه الروافد تصُب في النهاية في نهرها الواسع، دول مجلس التعاون الخليجي شعبٌ واحد، وهم يُشكلون رافداً مُهما لهذه الأمة، وفي دول المجلس يتمتع العرب بالعيش الكريم من أجل المشاركة في بناء حضارة تعلو لتستفيد منها كل الأمة؛ وأيضاً من أجل دعم بلادهم مما حبانا الله به من خير، فالوافدون العرب شركاء نجاح وأخوة ونحن سند وعزوة، وكل ما يصدر من تجارب سلبية هنا أو هناك لابد أن تبقى في إطارها المحدود؛ ولابد أن نُدرك أن أمام تلك السلبية عشرات من الأمثلة الإيجابية التي نراها تمر علينا كل يوم.

عن قريب ستبدأ الحملات الانتخابية لمجلس الأمة الكويتي؛ وربما ينجرف بعض المرشحين لتبني تلك الهجمة على الوافدين العرب من أجل كسب أصوات في خضم تلك الحملة الفاسدة، هذا المرشح لا يستحقُ صوتاً لأنه ضحّى بأمةٍ من أجل مصلحته، فكيف يمكن أن يُؤتمن!

وبالطبع لا ننسى أن نُذَكّر إخواننا الوافدين العرب أن عليهم دوراً مهما في إطفاء الفتن، فعليهم الرد من طرفهم على أبناءِ جلدتهم ممن يهاجمون بلادنا، ومن أهم أدوارهم أيضاً أن ينشروا الوعي بين جاليتهم من أجل حُسن المعاملة؛ واعتبارهم سفراء لبلدهم كما نحن أيضاً سفراء لبلادنا، هذا هو طريقنا الذي هو قدرُنا، قدرنا جميعا كأمةٍ واحدة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي