No Script

حروف نيرة

(وليس الذكر كالأنثى)

تصغير
تكبير

آيات عديدة من القرآن الكريم أشارت إلى رفعة المرأة، منها قوله تعالى: (وليس الذكر كالأُنثى)، الآية جاءت في سياق قصة امرأة عمران، وهي والدة مريم عليها السلام، يقول الله تعالى: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم) 36 آل عمران.

والدة مريم عليها السلام، عندما دعت ربها عز وجل أن يهبها ولداً، استجاب الله تعالى لها وحمَلت، ونذرت أن يكون الولد- محرراً- أي مفرغاً للعبادة لخدمة بيت المقدس، ولا يتقيد بأي عمل غير ذلك، ولكنّها وضعت مريم عليها السلام: (فلما وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ)، قالت ذلك على وجه التحسر والاعتذار، يا رب إِنها أنثى لن تقدر على تلك المشقة والعمل، فهو من تتمة قولها، ظناً منها أن الذكر ليس كالأنثى في خدمة بيت الله تعالى.

وقد تعتبر الآية رداً من الله تعالى بمعنى: ليس الذكر الذي طَلَبْته يا أم مريم كالأنثى التي وُهِبتها بل هي أفضل، فالجملة من كلامه تعالى تعظيماً لشأن هذه المولودة وما علّق بها من عظائم الأمور، وسواء كانت تلك العبارة من قولها أو قوله تعالى فقد كانت الأنثى وهي مريم ابنة عمران هي الأقدر من الرجل على خدمة البيت، ولم تعلم أمها ما سيكون لهذه الفتاة في المستقبل من مرتبة عالية.

يقول الإمام الشعراوي رحمه الله: قد يكون المراد ان الحق يقول لها: لا تظني أنّ الذكر الذي كنت تتمنينه سيصل إلى مرتبة هذه الأنثى، إنّ هذه الأنثى لها شأن عظيم، أو يكون كلامها، أي أنها قالت: يا رب إن الذكر ليس كالأنثى، إنها لا تصلح لخدمة البيت، وسنجد أن المعنى الأول فيه إشراق أكثر، إنه تصور أن الحق قد قال: أنت تريدين ذكراً بمفهومك في الوفاء بالنذر، وليكون في خدمة البيت، ولقد وهبتك أنثى، وسأعطي فيها آية أكبر من خدمة البيت، انتهى قوله.

إن مريم عليها السلام عابدة تقية مطهرة، اصطفاها الله تعالى على النساء، بقوله عز وجل: (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) آل عمران/42، فهي امرأة عظيمة أعلى بقوتها البدنية من الرجال، وفي ذلك رفعة لها؛ لأنّ الله تعالى اختارها للعمل والعبادة في أرض مباركة مقدسة، ومع ذلك نجد من ينشر المعاني بصورة خاطئة، كمن يعتبر المعنى من باب القدرات الذهنية والفكرية، وليس الطاقة والقوة البدنية، فيستشهد بها على تفوق الرجل، وانه الأولى والأعلى فكراً، لأنه لا يقرأ الآية كاملة، ولا يعرف مناسبتها، ولا يدري من لتلك العبارة! وقد كثُر اليوم من يفسر ويستشهد بآيات دون علم وبحث وتحريك عقل أو بحسب هواه!aalsenan@hotmail.com@

aaalsenan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي