No Script

مشاهدات

وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مسؤولون

تصغير
تكبير

تعتبر الوظائف العامة خدمة وطنية تناط مسؤوليتها بالقائمين عليها، ويكون الهدف الرئيسي منها هو المصلحة العامة، مع إعطاء شاغليها المسؤوليات لكي يقوموا بخدمة المجتمع والنهوض بالموارد البشرية على أكمل وجه.

تحكم تلك الوظائف التزامات عدة منها:

- عدم استغلال المنصب أو العلاقات التي يقيمهــا أثناء عملــه، للحصول على خدمــة من أي جهة كانت، أو مزايا أو فوائــد لمصلحته الشــخصية، أو لمصلحة عائلته.

- يقــع على عاتــق الموظــف العام مســؤولية المحافظــة على جميــع الممتلــكات والموارد والمعلومات الحكومية، التي تصرف له، أو التي تكون بحوزته أو تحت سيطرته، وعدم استخدامها لأغراض شخصية، باستثناء الحد المنصوص عليه صراحةً وخطياً أو بموجب القانون.

- يجب على الموظف العام عدم إتلاف أو تشويه أو إساءة استخدام الموارد أو الممتلكات الحكومية (المناصب العامة الحكومية هي تكليفٌ وليست تشريفاً).

- تذكر أخي المسؤول هذه المقولة، والواجب الرئيسي المطلوب منك هو خدمة وقضاء حوائج الناس.

- وتذكر كذلك بأن المناصب زائلة وهي موقتة وليست دائمة - فلو دامت لغيرك ما اتصلت إليك - ولذلك افعل الخير من موقعك ولا تنتظر أن يمدحك الآخرون أو يكرموك - فلن يبقى بين الناس إلا ذكراك الطيبة وعملك المخلص وإتقانك له.

سنسلط الضوء هنا على بعض أجهرة الدولة ومؤسساتها حسب تسمياتها الواردة أدناه كما يلي:

الجهات الرقابية والملحقة والمستقلة (ديوان المحاسبة، نزاهة، جهاز المراقبين الماليين، لجنة المناقصات المركزية، الفتوى والتشريع، مراقبة شؤون التوظيف في ديوان الخدمة المدنية، جهاز متابعة الأداء الحكومي، وحدة التحرّيات المالية، ولجنة الميزانيات والحساب الختامي، المشروعات السياحية، الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، وغيرها من الجهات الرقابية).

- هل أدت تلك الجهات الدور المنوط بها أم خرجت عن أهدافها ودورها ما أدى إلى تفاقم المشاكل؟

- أليس تولي مسؤولية تلك الهيئات كان الهدف منه حل مشاكل قائمة، ووضع نظام سليم في العمل لتفادي الأخطاء وفق خطة ومنظومة ناجحة، وكذلك إيجاد الحل الجذري الحازم لمشاكل قائمة ؟

- ولكن ما نشاهده بالمشهد العام للأسف لا يدل على ما كان مؤملاً إنجازه وتحقيقه، وهنا يتم طرح سؤال:

- هل قام من كان يتبوأ هذه الوظائف بواجبه في الارتقاء بالعمل الذي أُنيطت به مسؤولياته بعد أن تمت ملاحظة أنه لم تكن له بصمات واضحة بالارتقاء بالعمل الموكول إليه إنجازه ؟

- أليس من المفروض أن يحاسب هذا الشخص؟

- أليس المفروض متابعة كل هؤلاء المسؤولين؟ فمَن نجح في أداء واجبه الوظيفي تتم مكافأته، ومَن لم ينجح تتم محاسبته وإعفاؤه من الوظيفة، وإن كان قد ارتكب أخطاء جسيمة أدت الى خسائر مادية يُحول الى التحقيق والقضاء لينال جزاءه، فليس من المفروض أن يترك بلا عقاب؟

سنتطرق هنا كمثال على ذلك الى 3 هيئات:

1ـ جهاز المراقبين الماليين:

وهؤلاء متواجدون في جميع الهيئات والمؤسسات والوزارات ومن اختصاصهم عدم الموافقة على أوجه الصرف المتعددة إن لم تكن مستوفية للشروط، وللأسف هناك من لا يلتزم بتلك الملاحظات التي يصدرها المراقبون الماليون فيقوم بمخالفة ذلك، ثم تسجل هذه التجاوزات في ملف المخالفات وكأنه لم يحدث شيء ذو أهمية، لتظل لسنوات مهملة من دون محاسبة. (الأصح تفعيل دور المراقبين وأن يوقع الجزاء على الشخص المخالف وتتم محاسبته).

2ـ الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية:

فبدلاً من إيجاد حلول جذرية حازمة لتلك المشكلة فقد تفاقمت أعدادهم بشكل لافت، (بالتأكيد الحرمان من الهوية المدنية أو الأمنية يفوت فرص الحصول على متطلبات الحياة الأساسية، مثل توثيق عقود الزواج، الحرمان من العمل الحكومي والخاص، عدم التمكن من سحب المخصصات المالية من البنوك، والعيش الكريم...).

3ـ المشروعات السياحية:

هي شركة مربحة وواجهة للوطن ولكن للأسف فقدت معظم امتيازاتها وأصولها المربحة ! وحتى أماكنها الترفيهية أغلقت تماماً (المدينة الترفيهية - شاليهات جزيرة فيلكا- حديقة الشعب - النافورة الراقصة، صالة التزلج...).

- ولذلك، فمن المهم تطبيق مبدأ: المسؤولية أمانة وأن المسؤول مُحَاسَبْ، و يجب «الطلب من المسؤولين تقديم التوضيحات اللازمة لأصحاب الشأن حول كيفية استخدام صلاحياتهم وتصريف واجباتهم، والأخذ بالانتقادات التي توجه لهم، وقبول تبعات الفشل أو عدم الكفاءة أو الغش»، حيث تستمد المسؤولية صلاحياتها من كفاءة وخبرة واختصاص المسؤول التي تناسب منصبه.

ولذلك فالمسؤول أيا كان فرداً أو جماعة في أي قطاع وعن أي عمل كان، فهو مطالب بتقديم توضيحات لقراراته وإجراءاته إلى الهيئات المخولة بمراقبته ومحاسبته، ليس بهدف المحاسبة فقط، وإنما لهدف إيجاد الحلول للمشاكل التي لم تُحَلْ ودراسة مناطق التقصير فيها بهدف إصلاحها.

وعليه يكون دور المسؤول بمثابة تكليفّ لا تشريف.

ومن هنا، فإن المهام والمسؤوليات المنوطة بهم متشابهة إلى حدّ كبير، أما الاختلاف الكبير فنجده في الممارسات الناتجة عن هؤلاء ومدى تحمل كل منهم للمسؤولية وللدور المطلوب منه القيام به.

إذاً، وعوداً على بِدء، فإنه ليس بالأمر الهين، حيث يترتب على هذه الأمور مصير وطن وأفراد والذي ينعكس على المستوى المعيشي لهم، وما يترتب عليه من أسباب السعادة أو الشقاء في حياتهم.

وهذا ما يدفع بالغالبية ممن يطمحون في الوصول إلى موقع المسؤولية إلى إغداق الوعود والآمال الصادقة والكاذبة منها والتي يمنون الشعوب بها، بهدف الوصول والفوز بهذه المناصب المغرية لقيادة الشعوب وإدارة شؤونها غير مدركين بأنهم بذلك قد تحملوا وزر تعاسة وظلم أناس كثيرين، كانوا يأملون الخير لا الشر والمفسدة من هؤلاء الذين توسدوا سدة المسؤولية.

- على الرغم من خطورة ما قد ينتج عن تقصير المسؤول في أداء دوره، إلا أننا للأسف نجد أنّ العديد ممن استطاعوا أن يصلوا، لم يتحلوا بالمسؤولية التي كان يجب أن يحملوها، أو أن يفوا بالوعود التي قطعوها، والأخطر من ذلك ما قد يلجأ إليه البعض من استغلال هذا المنصب لمكاسب ومآرب ومنافع شخصيّة، لتصبح المنفعة العامة في صالح المنافع الضيقة والخاصة، وربما قد تكون الإساءة لهذا المنصب في سوء الإدارة وقلة الخبرة، والإهمال أحياناً وليس ذلك بأقل ضرر مما سبق...

«وَقِفُوهم إنهم مسؤولون»،

إن المحافظة على ثروات الكويت ومصالح المواطنين، أهم بكثير من التعيينات الانتهازية، فاحرصوا على خدمة البلاد، والاستعانة بالكفاءات الوطنية من ذوي الخبرة في المناصب القيادية فالكفاءات تنجز ولا تعجز.

وفي الختام... إنّ الوعي عنصر مهم جداً في هذه العملية، عملية اختيار الكفاءات، وإيصال الشخص المناسب الكفؤ والأمين على مصالح الوطن والمواطنين هو بداية الطريق للإصلاح إن شاء الله، بدءاً من الوعي بحسن الاختيار، إلى الوعي بعظمة وخطورة المسؤولية، وصولاً إلى الوعي بالآثار والنتائج التي ستترتب على كل الأطراف، نحتاج الى ضوابط صارمة ومراجعة ومتابعة متتالية حتى نتمكن من وقاية المؤسسات من المقصرين والمتلاعبين والمتهاونين فى القيام بواجباتهم.

وبالتأكيد، فإن ضعف الرقابة على جميع الادارات الحكومية والمستقلة تترتب عليه آثار سلبية تؤثر على التطوير والارتقاء بسبب المخالفات المتعددة، ولذلك، فالمحاسبة والرقابة الفورية يجب أن تشمل جميع القطاعات، وجميعاً نتطلع إلى الارتقاء بالمنظومة الخدماتية والاقتصادية، وترسيخ مفهوم المسؤولية الجماعية.

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي