ماكرون إلى رئاسة متجددة... رغم صعود التطرف ضد المهاجرين
كما كان متوقعاً، فاز الرئيس ايمانويل ماكرون والمرشحة مارين لوبان، بأكثرية الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية من دون أن يحصل أحدهما على 50 في المئة من الأصوات، وتالياً لم يتح لأحد منهما الصعود إلى الرئاسة من دون دورة ثانية.
إلا أن اللافت في الأمر، كان صعود نسبة الاقتراع لليمين المتطرف في انعكاس للخوف من المهاجرين والمسلمين.
فلم يكن عابراً تسلل عبارة «الاستبدال الكبير» إلى الحملات الرئاسية، وهي فكرة معادية للأجانب في شكل عام وللأفارقة والمسلمين على نحو خاص.
وفحواها أن هناك عملية جارية لاستبدال الفرنسيين «الأصليين» بالمهاجرين، الأمر الذي يحض على «الكراهية والعنف» ضد أشخاص بسبب هويتهم الدينية، لا سيما المسلمين الذين يؤخذ عليهم أنهم ينجبون العديد من الأولاد بالمقارنة مع إنجاب الأوروبيين طفل أو اثنين على أكبر تقدير.
وتنطوي هذه النظرية التي يروج لها اليمين المتطرف، على ان البناء الديموغرافي هو أخطر ما يمكن ان تواجهه الأمة.
تماماً كالفكرة التي تدرس اليوم في المدارس الإسرائيلية للتحريض على الإنجاب بكثرة لكي لا يتغلب أصحاب الأرض - أي الفلسطينيين - على الإسرائيليين بالعدد بعد عشرات السنين.
ويقول بعض الفرنسيين ان هذه الخلاصة ليست «نظرية مؤامرة» بل ملاحظة حقيقية لما يجري في «القارة العجوز».
ويؤيد هؤلاء هذه النظرية بسبب ارتفاع أعداد المهاجرين إلى نحو 10.3 في المئة من تعداد السكان البالغ 67.6 مليون نسمة.
في الانتخابات الرئاسية، تبنى المرشحان اريك زمور (حاز على 7.1 في المئة من الأصوات) وفاليري بيكريس (حصدت 4.8 في المئة من الإصوات) هذه «النظرية» والتحريض على الكراهية الدينية بالقول «أنهم (المهاجرين) قد حلوا مكاننا».
واستطاع المرشحان، زرع الخوف من غزو فرنسا من الداخل، مع الإشارة إلى ان لوبان (حصلت على 23.15 في المئة) ولم تستحضر هذه الفكرة.
ويقول توماس موغنير من مدينة نانت الشمالية لـ«الراي»، انه «لم يعد هناك من يمين أو يسار معتدل.
فاليمين أصبح يدخل إلى عقول الناس عبر زرع الخوف من الهجرة التي تحدث عدم استقرار في البلاد لأن المهاجرين متهمون بامتلاك ثقافة مختلفة يخشاها عدد كبير من الفرنسيين.
فثمة عدد لا بأس به من الجهلة يمكن التلاعب بعقولهم.
ويخضع هؤلاء المهاجرون إلى المعاينة لفحص مدى تأقلمهم مع المجتمع الفرنسي وما إذا كانوا يحتسون النبيذ ويأكلون لحم الخنزير... هذا هو الجهل الموجود في مجتمعنا الفرنسي للأسف».
والأكثر إثارة، إنه إذا تم جمع أصوات الناخبين من اليمين المتطرف، يتبين أنهم حصلوا على 35.3 في المئة من الأصوات.
وهو رقم مخيف، في رأي المراقبين لأنه يؤشر إلى أن ثلث السكان ينحازون لسياسة اليمين المتطرف وقد صوتوا على نحو يكشف حجم هذا الاتجاه في فرنسا، وهو أمر لا يُستهان به.
إلا أن هذا الجنوح لن يتيح لمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان الصعود إلى سدة الرئاسة رغم طلب مرشحين خاسرين من ناخبيهم بإعطاء الأصوات لها، وتالياً فإن طريق الرئاسة لماكرون قد عبدت لسنوات خمس مقبلة ستؤكدها النتائج في 24 أبريل.
فجميع المترددين والذين لا يوافقوا على دعم اليمين المتطرف، إما سيمتنعون عن التصويت أو سيعطون أصواتهم إلى ماكرون.
من هنا فان سياسة فرنسا الحالية ستبقى كما هي عليه أو كما يراها الرئيس الحالي في ولايته المتجددة.