No Script

سافر إلى ذاتك

آباء ولكن؟

تصغير
تكبير

قرار الأمومة والأبوة قرار قد يكاد الأصعب في الحياة، فهو رحلة لا تنتهي. من الحقوق والواجبات، ومسؤولية فكرية ونفسية واجتماعية تحتاج الكثير من الاستعداد النفسي، حيث إن الطفل الذي ستنجبونه سيكون فرداً في مجتمعنا يؤثر علينا ونتأثر به، رغبنا بذلك أو كان رغماً عنا.

في كل الحالات هذا فرد سيخرج للمجتمع ويعكس ما تعلمه من البيت، ولأن هناك اختلافاً كبيراً في مفهوم الأبوة والأمومة في تربية الأبناء.

فهناك من يفهمها رعاية وتقديم الطعام والمال والترفيه المناسب فقط، وهناك يراها فكراً وتطوراً قلبياً وسلوكاً متجاهلاً الرعاية، أما الواعون من يوازنون بين الاثنين الرعاية والتربية ولأن التربية أمر ليس بالسهل ويحتاج الكثير من التدريب والتطوير، أصبح الاهتمام بها ضوءاً يجب أن يسلط بشكل مباشر على كل الآباء، ليس لتربية أبنائهم فحسب بل لصناعة مجتمع جيد، يعكس أفراده فكراً وخلقاً وسلوكاً متوازناً.

لذلك إن كنت أباً أو كنتِ أماً يجب أن تعرفا أن هذا الدور لا يعني أن تحبس أبناءك في عش الخوف، خائفاً عليهم من العالم فتدمر شخصياتهم وتفقدهم قدرتهم على اتخاذ القرارات السليمة في حياتهم، كما أن اتخاذ القرارات بدلاً عنهم بحجة أنك توافر عليهم رحلة ضياع، اعرف أن خوض التجربة والتعلم منها أهم من عدم خوضها، أو حتى معرفتها، كذلك كثير من الآباء يتدخلون في تخصصات أبنائهم، بحجة أن التخصص هذا المناسب له من وجهة نظره. عزيزي الأب أو الأم، كن مرشداً في حياة ابنك وناصحاً. وليس آمراً وجابراً، فابنك ليس أنت وميوله وقصته مختلفة عنك.

اجعله يختار التخصص الذي يحب، واستعن بمرشدين يساعدونه على اكتشاف ذاته، أما تجربته في الحياة فمن حقه هو خوضها والتعلم منها وصقل شخصيته بها، أنا لا أؤيد حماية الآباء الزائدة، فهي تضر الأب والأم قبل أبنائهم، وتصنع درجة من التعلق المرضي الذي يجعل الابن يشعر أنه مسجون عاطفياً حتى يرضى أبواه عنه، فحبهم مشروط بأن يمارس هذا الابن ما تهواه قلوبهم وما يرضي توقعاتهم، وإن لم يحصل ذلك أصبح عاقاً ومزعجاً ومؤذياً ولا عزاء للتدمير النفسي الذي يحدث بعد ذلك.

لذلك، أيها الآباء إن كنتم تخافون على أبنائكم كثيراً فإنكم ستخرجون لنا شاباً خائفاً من كل شيء لا يتقدم خطوة للأمام إلا للمساعدة، وإن كنتم تقررون عنه ستخرجون لنا شاباً لا يعرف اتخاذ القرار، وإن تدخلتم في مشاعره اعرفوا أنكم ستخرجون لنا شاباً لا يفهم، ولا يعرف مشاعره، وإن اهديتم ابنكم خريطة يعيشها في حياته، انتم من رسمتموها، اعرفوا أنكم حرمتم ابنكم من متعة التجربة ورحلة اكتشاف الذات.

وأخيراً، نسبة مخيفة من البشر لا يعرفون أنفسهم ولا أهدافهم ولا يفهمون مشاعرهم، لأن آباءهم أحبوهم حباً جعلهم يرسمون حياتهم بدلاً عنهم... تمعن بالعبارة السابقة واقرأها ألف مرة.

Instagram @drnadiaalkhaldi Twitter

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي