إنهاء الحرب في أوكرانيا... مازال في خطواته الأولى

دمار عسكري كبير في النزاع الأوكراني
دمار عسكري كبير في النزاع الأوكراني
تصغير
تكبير

تنطلق روسيا وأوكرانيا، في الخطوات الأولى نحو إنهاء الحرب من خلال المفاوضات المباشرة وعبر تقنية الفيديو.

وبعد الجولات الأربع الماضية، انكشفت البنود الرئيسية التي يُناقشها الطرفان من دون أن تتوقف قرقعة السلاح.

وبعدما تأكد للطرف الأوكراني، أن الغرب مستعد لاستقبال النازحين وتزويد الجيش بالمعدات العسكرية، ليُقاتل وحده، اقتنع المسؤولون في كييف بأن المفاوضات هي السبيل الوحيد لإنهاء الحرب.

إلا أن الشيطان لايزال يكمن في التفاصيل، ولذلك فإن العمليات العسكرية لن تتوقف إلى حين التوصل الى اتفاق نهائي.

قال ميكايلو بودولياك، أحد أعضاء الوفد الأوكراني ومستشار كبير موظفي الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن «أوكرانيا كانت شريكاً فتياً لحلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي لعب دوراً مهيمناً، إلا أن بداية الحرب أظهرت خوف الدول الأعضاء من الدخول في الحرب إلى جانبنا».

لا شك في أن الولايات المتحدة كانت تحضّر، منذ عهد باراك أوباما، لإدخال أوكرانيا في «الناتو» ورفْع جهوزية قواتها العسكرية وزيادة العدد وتدريب هذه القوات على الحرب واستخدام الأسلحة الغربية.

إلا أن بقاء أوكرانيا خارج الحلف رسمياً يمنعه من الدفاع عنها، لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قام بخطوته العسكرية قبل قبول عضوية كييف في «شمال الأطلسي».

وتالياً أُفقدت أوكرانيا من حقها بالاستفادة من البند الخامس، أي بند الدفاع المشترك، الذي يفرض على الحلف التدخل في حال الاعتداء على أيّ عضو فيه، وهذا ما بدّد احتمال نشوب «حرب عالمية ثالثة» عبر حصول تصادم مباشر مع روسيا.

وأظهرت التطورات العسكرية ان بوتين «ماضٍ بتحقيق أهداف» العملية الخاصة، مهما كانت طلفة الخسائر البشرية العسكرية.

أما البنود الرئيسية التي تطالب موسكو بأن توقع عليها كييف، فهي:

عدم الانتماء إلى «الناتو»، سحب السلاح الثقيل وتحديد عديد قوات الجيش بـ 50 ألفاً، حماية اللغة الروسية كلغة ثانية رسمية، منْع أيٍّ من أشكال «النازية»، الاعتراف باستقلال جزيرة القرم، إقرار مقاطعتي دونباس (دونيتسك ولوغانسك) مستقلتيْن وذات إدارة ذاتية، وإعلان أوكرانيا كدولة محايدة على غرار فنلندا أو السويد أو النمسا.

ويقول المسؤولون الروس إن لا مانع لديهم من أن تكون هناك أطراف أخرى، مثل تركيا، شاهدة على الاتفاق عند التوصل إليه. ويضيفون ان الطرفين وصلا إلى منتصف الطريق، وأن الاتفاق النهائي سيسبقه لقاء وزيريْ خارجية البلدين قبل لقاء بوتين وزيلينسكي، للتوقيع النهائي على المعاهدة الجديدة التي شجّعت فرنسا، إبرامها.

إنها «وثيقة استسلام» تطلبها روسيا لتتأكد من أن أوكرانيا لن تُشكّل خطراً عليها يوماً ما، وأن مشروع إنضمامها إلى «الناتو» ولّى إلى غير رجعة لفترة طويلة من الزمن.

وكذلك يهدف بوتين لتوجيه الرسائل إلى جورجيا، الدولة الثانية التي كان «الناتو» يتحضّر لضمها، بأن السيناريو الأوكراني نفسه قد يكون بانتظارها.

لقد بذلت أميركا وأوروبا جهداً لسلخ أوكرانيا عن روسيا منذ عام 2004 حين نظّمت «الثورة البرتقالية» والتي فشلت في قلب النظام حينها لينجح هؤلاء في الموجة الثانية من التظاهرات المنظمة في أواخر 2013 من خلال ثورة «الميدان الأوروبي».

ونجح المتظاهرون بدفع الرئيس الأوكراني حينها فيكتور يانوكوفيتش إلى الهرب إلى خاركيف - ومن ثم إلى روسيا - لرفضه توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، الذي شجعته مسؤولة السياسة الخارجية حينها كاثرين آشتون على إبعاد كييف عن موسكو.

وقد سُرّب اتصال بين مساعدة وزير الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، وهي تناقش مستقبل «الثورة الأوكرانية» مع السفير الأميركي لدى أوكرانيا جيفري بيات عام 2014، وهي تُسمي وتختار اسم المسؤولين الجُدد في الحكومة التي ستلي حكومة يانوكوفيتش.

وتقول ان «على أوروبا أن تذهب إلى الجحيم»، ما يعني ان أميركا هي التي تريد إدارة اللعبة وليس أوروبا.

لم ينفع تفاهم بودابست في ديسمبر 1994 ولا اتفاق مينسك في سبتمبر 2014 في درء الحرب عن أوكرانيا وإعادتها إلى حضن «الدب الروسي».

ولن تنتهي الحرب إلّا بانتهاء التفاوض الجاري واطمئنان موسكو إلى أن الخطر قد زال.

إلّا أن التوقيع النهائي على اتفاقٍ لابد أن يحصل بعد كل حرب... ولكن بعد سقوط عدد أكبر من القتلى واحتلال مساحات شاسعة من الأراضي وإحداث دمار كبير.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي