No Script

مشاهدات

ماذا نحن فاعلون؟

تصغير
تكبير

أحداث متلاحقة من التطورات والتغيرات التي لا مثيل لها، تطل علينا الأزمات بأشكالها اللامتناهية، فتتعدد التّسميات، وتختلف الأسباب والظروف والحالات والمراحل، أمّا النتيجة فكما هي - شبح كاسر - يعبث بمصير الأمم والشعوب ويفتك بالحجر والبشر.

ففي الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا لا يُمكن لأحد أن يجزم بما ستؤول إليه الأمور، و دول العالم تتخوّف من أن تتطور الأحداث وتدخل دول أخرى في الصراع، والذي قد يحدث نتيجة خطأ ما، وتكون شرارة بدء الحرب الكونية الشاملة والتي قد تُستخدم فيها الصواريخ ذات الرؤوس النووية.

ولو عُدنا بذاكرتنا قليلاً، لوجدنا أنّ الأزمات ليست حالة مستجدة بطبيعتها، ولن تكون ضيفاً عابراً يوماً من الأيّام، كتلك الأزمات الاقتصادية، والصحية، والاِجتماعية، والأمنية... سواء ارتبطت بأسباب خارجة عن إرادتنا لارتباطها بظواهر كونية، أو أمراض وبائية، أو تلك التي تأتي وليدة التعقيدات والممارسات والأطماع الإنسانية، كافتعال الحروب وغيرها.

مما لاشك فيه بأنّ الأزمة واقع لا مفر منه؟ ولو أدركنا أنّ ذلك كله يتوقف على مستوى قدراتنا في التعامل مع الأزمات، وطريقة إدارتنا لها، بل قد يتوقف على أكثر من ذلك وهو التنبؤ بالأزمات واستشرافها قبل وقوعها، لوضع الخطط الوقائية والاستباقية التي ستوفّر علينا الكثير الكثير من المصاعب والويلات، إذ أن الوقاية ستكون حتماً خيراً من العلاج.

- ولنا في تجارب الشعوب عِبرة حسنة، تعالوا نتأمل القرآن الكريم ونحن نسترجع معاً قصة النبي يوسف (ع) وهو يضع خطته العلاجية المحكمة والمفصّلة للتعامل مع الأزمة قبل أوانها، و بكثير من التأنّي والاستعدادات البشريّة والمادية، والإعلامية، فهيأ الظروف الملائمة كافة ليقي شعبه والشعوب المجاورة من القحط والجوع لسبع سنوات عجاف.

ثم ينتقل النبي يوسف (ع) من مرحلة الحصاد والتخطيط والتهيئة إلى مرحلة إدارة الأزمة والتعامل معها واقعاً من خلال الإشراف المباشر، وتوظيف الكفاءات، وتعديل الخطط، وتقييم النتائج.

إن الأزمات تُخيم بدايةٍ بمساوئها المرعبة، لكن كيف نتعامل مع الأزمة سيقلب النتيجة ربما رأساً على عقب، وهذا ما حصل بالفعل، انتهت أزمة أهل مصر، واتضح بأن الشعب بإمكانه أن يتغلّب على أزمته فيحوّل النتائج السلبية إلى إيجابية.

نتساءل أين نحن اليوم؟

أين نحن اليوم والأزمات تكاد تُنهك مفاصلنا الاقتصادية، والصحية، والأمنية، والقومية وربما الأخلاقية؟ أما حان الأوان أن نبادر سريعاً إلى تشكيل خلية واعدة تستطيع أن ترتقي إلى مستوى توقّع الأزمات، والتعامل بجدية مع ما استجد منها.

كفانا هدراً لمصادرنا وأموالنا في اتجاه أحادي الجانب، فلن تنقذنا اليوم أبراج نبنيها ارتفاعاً، ولا تكديساً لكماليات من الخارج قد لا نجد إليها سبيلاً مستقبلاً.

- لنعمل على دراسة وافية وشاملة لمقدراتنا ومواردنا وطاقاتنا الكامنة، فنستنهض المجتمع، ونضع الخطط ونشجع ونموّل المشاريع المحلية المنتجة (الزراعية، والصناعية، والإنتاجية والخدماتية) التي تساعد في الاعتماد على مواردنا والاستفادة من مصادرنا الذاتية.

إنها فرصتنا كي نحافظ على بقائنا وكرامتنا في عالم مشحون لا يُنذر إلّا بالسوء.

- ماذا نحن فاعلون في ظل تلك الأحداث المتلاحقة والتي قد تسفر عن حدوث ما لا تحمد عقباه!

الحلول الجذرية الواجب اتباعها:

- تأمين المخزون الإستراتيجي من السلع الغذائية الأساسية والحبوب وتحقيق الأمن الغذائي.

- نشر التوعية في المجتمع لتغيير السلوكيات وأنماط الاستهلاك وعدم الإفراط بالطعام.

- تقنين صرف السلع التموينية بدءاً من الآن.

- مراقبة مستوردي المواد الغذائية ومخالفة كل مَنْ يرفع الأسعار ومحاسبته بأشد العقوبات.

- قيام فرق التفتيش الميدانية التابعة في وزارة التجارة والبلدية بحملات تفتيشية يومية للتأكد من عدم التلاعب بالأسعار، والتأكد من صلاحية المخازن ومطابقتها للشروط الصحية في تخزين المواد الغذائية.

- فرض غرامات مالية كبيرة وسحب الحيازات فوراً من كل مَنْ يخالف الغرض الأساسي من الحيازة وهي تلك المناطق التي تُستغل لزراعة المنتجات الزراعية، والسمكية، وتربية الدواجن، والمواشي والأبقار، وتربية خيول السباق والإبل، والمناحل (تربية النحل وإنتاج العسل)، وهي قسائم تنظيمية الغرض الأساسي منها تعزيز الأمن الغذائي.

- الاهتمام والتوسع في زراعة النخيل لأن ثمارها فاكهة صحية ومركزة وطبيعية، تحتوي على العناصر الغذائية المفيدة.

- الاستفادة من الفائض المالي في أسعار النفط في الداخل، وإيقاف الهِبات والقروض الخارجية في الوقت الراهن.

- يجب استئناف الرحلات التجارية البحرية واستقبال السفن الخشبية والتراثية في ميناء الدوحة، المخصص لاستقبال هذه النوعية من السفن، بعد توقفها لمدة عامين بسبب جائحة كورونا، وإحياء التجارة والنقل البحري مع مختلف الموانئ الخليجية والعراق وإيران، لأسباب عدة منها (قرب المسافة /اقل تكلفة في التشغيل والصيانة/ اقل تأمين /أقل غاطس/سرعة الشحن والتفريغ / البضاعة تصل بأقل الاسعار).

- والأهم بأن تلك السفن الخشبية تقوم بدور فعّال في حركة الشحن والمبادلات التجارية، ويجب انعاش عمل تلك السفن تحسباً لأيّ طارئ خاصةً في الكوارث والازمات.

ختاماً

إدارة الأزمات لها قواعد وفن و مهارة خاصة، وهي تجمع بين الفن والتخطيط السليم وبُعد النظر لأحداث استثنائية، فهو يعتمد على مجموعة من المبادئ والقوانين والنُظم والتخطيط الجيد، وكذلك هو فن ومهارة تعتمد على الموهبة والكفاءة، والمهارات الفردية والجماعية، لتحديد وتقدير وفهم التعامل مع المواقف الخطرة، والقدرة على اتخاذ القرار السليم في ظل الظروف العصيبة.

ندعو الله رب العرش العظيم أن يرفع عنا هذا البلاء وأن يكشف هذه الغمة عن هذه الأمة، وأن يحفظنا بحفظه ويرحمنا برحمته بجاه الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه و آله وسلم.

اللهم أحفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي