... إنها ليست حرب أوكرانيا!

بوتين يأخذ الأمور بجدية كاملة
بوتين يأخذ الأمور بجدية كاملة
تصغير
تكبير

أعلنت روسيا أن الأسطول الشمالي وأسطول المحيط الهادئ وكذلك قوتها الجوية الإستراتيجية - النووية، بدأت بالمناوبة تنفيذاً لأوامر الرئيس فلاديمير بوتين ووضعت نفسها في حال التأهب التامة.

ومَن يعلم ويتابع روسيا، يدرك أن بوتين يأخذ الأمور بجدية كاملة، وتالياً فإن الحرب في أوكرانيا لا تتعلق بإخضاع دولة صغيرة نسبياً بالنسبة لروسيا... بل هي معركة امتداداتها عالمية تتعلق بـ «رفض الأحادية»، هذا إذا لم يذهب الجميع إلى حرب شاملة.

أعلنت أوروبا الحرب على روسيا، من دون التلفظ بهذه الكلمات تحديداً، بل رصدت نحو نصف المليار يورو لإيصال المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، ما اعتبره الكرملين بمثابة «إعلان حرب»، متداركاً أن أميركا هي التي تقف خلف القارة الأوروبية التي بدأت تدفع ثمن عقوباتها على موسكو بارتفاع سعر الغاز 36 في المئة (1454 دولاراً)، رغم تأكيد موسكو أنها ستلتزم بالعقود الموقّعة ولن تحوّل مبيعاتها للطاقة إلى سلاح ولن تحجبها عن أوروبا (40 في المئة من احتياطات الغاز في أوروبا يأتي من روسيا) أو عن أميركا (تُعتبر روسيا المصدر الأول للنفط ومشتقاته للولايات المتحدة).

لكن أوروبا لم تتلق إنذارات بوتين المتلاحقة حين قررت إرسال مقاتلات إلى أوكرانيا، وردت القيادة الروسية بأن قواتها الجوية تسيطر سيطرة تامة على أجواء جارتها. وهذا يعني أن أي طائرة ستهبط أو تحضر إلى أوكرانيا، قد تسقطها موسكو... فالرئيس الروسي لا ينوي التراجع أبداً عن أهدافه التي تنص على حياد أوكرانيا وعدم نشر الصواريخ النووية والإستراتيجية فيها.

ويبدو أن العالم لم يدرك بعد ان أهداف المعركة أبعد بكثير من حدود هذه الدولة. بل ستذهب إلى جورجيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق لأن بوتين بدأ معركة لا ينوي القيام بمثلها بعد سنوات. بل سيكمل لتحقيق أهدافه حتى ولو دُفعت الأمور إلى حرب أكبر بكثير من الحالية.

لقد قَبِلَتْ الحكومة الأوكرانية التفاوض مع روسيا في بيلاروسيا. إلا أن الجولة الأولى لم تكن مشجّعة لأن الوفد الأوكراني طالب «بإنهاء العملية العسكرية، وسحب القوات الروسية من كل أوكرانيا، بما فيها الدونباس وجزيرة القرم، ووقف كل العمليات العدائية»، وهو الأمر الذي اعتبرته موسكو مضيعة للوقت، من دون أن تنسحب من المفاوضات أو توقف عملياتها العسكرية.

وقد أظهرت صور الأقمار الاصطناعية قافلة طولها 64 كيلومتراً من الدبابات الروسية، على مشارف العاصمة كييف، التي قال محافظها انها «أصبحت مطوّقة».

إذاً يبدو أن المعركة من المتوقع ان تنتهي خلال أيام وليس أسابيع ليُحسم أمر النتائج العسكرية، إلا أن التداعيات الأخرى المترتّبة على هذه الحرب بدأت.

فقد أخذ العالم يشعر بوطأة العقوبات على روسيا التي رفعت سعر النفط إلى 105 دولارات للبرميل الواحد. وواصل سعر الغاز الارتفاع بسرعة فائقة، وهذا يحدث خصوصاً بعد انخفاض القدرة الشرائية والمصاعب الاقتصادية التي نتجت عن سنتين من جائحة «كوفيد - 19».

بالإضافة إلى ذلك، أغلقت الأجواء الروسية أمام 36 دولة، وفق مبدأ المعاملة بالمثل. وكذلك أعلنت أوروبا عقوبات على المصرف المركزي الروسي لمنع التعامل المالي، من دون إغلاق آلية الدفع المتعلّقة بفواتير الغاز والنفط الروسي الذي يتدفق إلى دول أوروبا وأميركا التي لن تتوقف عن دفع فواتيرها.

وستعمل روسيا على إغلاق شركات أوروبية موجودة على أراضيها إذا أغلقت أوروبا وبريطانيا، شركاتها.

وكذلك بدأت الأمور تتكشف عن خطط بوتين البديلة. فبعدما أعلن الرئيس جو بايدن ان الخط الروسي - الألماني «نورد ستريم -2» سيتوقف (وهو لم يدخل الخدمة يوماً) أعلن عن بدء إنشاء خط غاز روسي - صيني يمر عبر منغوليا ليكون بديلاً عن الخط الألماني الذي تحتاجه أوروبا أكثر من غيرها.

لم يبدأ بوتين الحرب ليخسرها! وبذلك يكون يجابه بايدن و«الأحادية» الأميركية... والأيام المقبلة كفيلة، بانجلاء غبار المعركة العالمية...

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي