No Script

مجرد رأي

بيت جارنا بمليون

تصغير
تكبير

بينما فرح الكثير بإقرار مجلس الأمة لقانون تعزيز سيولة رأسمال بنك الائتمان بـ800 مليون دينار على أن توظف في حلحلة طلبات الإسكان المتراكمة، وهذا قرار جيد بالطبع، إلا أن هذه الخطوة المستحقة لم تبدد مخاوف الكثيرين من سيناريو استمرار زيادة أسعار العقارات خصوصاً السكنية.

فلا يعد سراً الصعود السريع الذي سجلته أسعار البيوت خلال العام الماضي، والتي وصلت في بعض المناطق لضعف أسعار 2020، والمتابع سيعلم جيداً أن عدوى الزيادات الكبرى لم تقتصر على مبيعات العقار التقليدية، حيث إنها ظهرت جلياً في أسعار المزادات المنفذة على بعض العقارات والتي سجلت أخيراً نمواً يقارب 70 في المئة.

واقتصادياً واجتماعياً يتطلب الصعود العقاري الكبير في أسعار البيوت السكنية وقفة جادة لمعالجة الخلل الهيكلي المتغلغل في السوق محلياً، والذي يدفع دائماً بمنحنى الأسعار لتحقيق مزيد من الصعود على حساب مقدرة شريحة كبيرة من المواطنين التي لم تعد قادرة مادياً على شراء بيت العمر.

ولعل من أبرز مغذيات ارتفاع أسعار العقار محلياً قلة المعروض من الأراضي المتداولة في السوق المحلي للدرجة التي تراكمت فيها طلبات الشراء لمعدلات غير مسبوقة، ما أسهم في رفع الأسعار لمعدلات جنونية، وكذلك نتيجة لآثار الـ«كورونا» وهبوط أسعار العقار التجاري والاستثماري دفع دخول المحافظ الاستثمارية للمضاربة في السكن الخاص، لما امتاز به من ارتفاع في إيراده وصعود قيمته السوقية، وقلة تكاليف الكهرباء والماء مقارنة مع العقار الاستثماري والتجاري.

ولعل السؤال الذي يفرض نفسه هذه الأيام، هل تسهم زيادة رأسمال بنك الائتمان لوحده في لجم قفزات الأسعار؟ اقتصادياً، يعد القانون الجديد مكتسباً قد يهدئ قفزات الأسعار لكن لا يمكن التعويل عليه كثيراً في العمل منفرداً، فلابد أن يوازي ذلك تدابير حكومية إضافية ليس أقلها تحرير المزيد من الأراضي ووضع الآليات والقوانين التي تسهم في زيادة العرض على الطلب، وإقرار تسهيلات ائتمانية إضافية من القطاع الخاص. وإصدار المزيد من القوانين لتقنين السوق والحفاظ على استقراره.

وقتها ستنعكس المعادلة لصالح زيادة العرض على الطلب، وربما لن يتحقق ذلك إلى المدى القصير، لكن مثل هذه المعالجات معتادة في الدول المجاورة التي نجحت في تحقيق الاستقرار بسوقها العقاري.

وما يزيد من أهمية السيطرة على أسعار العقار خصوصاً السكن الخاص أنه يشكل قيمة في جميع أنحاء العالم، خصوصاً في الكويت، إذ تصل قيمته إلى 500 ألف دينار، ويصل إلى مليون وأكثر في بعض المناطق، ما يضعف مقدرة الكثيرين.

ولذلك، يجب أن يكون نظام الحل متكاملاً وأن تكون هناك آليات عملية يمكن اتباعها لحل الأزمة الإسكانية، وتخفيف العبء على الدولة وعلى المواطن لما تعكسه من قلق متواصل لدى الجميع.

نقطة إضافية لا يمكن تجاهلها، وتتعلق بضرورة أن تتخذ الحكومة الخطوات التي يمكن من خلالها المساهمة في المحافظة على أسعار البناء والمواد الانشائية والمتوقع ارتفاعها بمجرد انطلاقة حركة البناء الجديدة في مدينتي المطلاع وجنوب سعد العبدالله استفادة من انتعاش سيولة بنك الائتمان.

فكل ما يتعلق بالبناء مرجح ارتفاعه مروراً بأسعار المواد الإنشائية وكلفة العمالة وانتهاء بأسعار النقل، ولذلك يتعين أن تزداد الحملات الرقابية على الأسواق وتتخذ الجهات المعنية قرارات سريعة تشجع على الاستيراد للسلع الانشائية مع خفض أو إلغاء الرسوم الجمركية على هذه المواد، مع زيادة جرعة التعاون مع الجهات المعنية إلى زيادة طرح الأراضي السكنية من قبل الحكومة.

الخلاصة: «العقار قد يمرض لكنه لا يموت»، مقولة يُدركها السماسرة والمستثمرون في سوق العقارات، لكن الحقيقة أن العقار الكويتي لم يمت ولم يمرض، ووصلت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.

ودخل العقار في الكويت مستوى الطفرة التي يمكن أن تنفجر في أي لحظة ما لم تكن التحركات شمولية وليست مجرد مسكنات موقتة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي