الصدر يسير قدماً من دون أطراف شيعية لاختيار قادة العراق

هل من جفاء بين مقتدى وإيران؟

أول جلسة للبرلمان العراقي أمس بعد الانتخابات التشريعية (رويترز)
أول جلسة للبرلمان العراقي أمس بعد الانتخابات التشريعية (رويترز)
تصغير
تكبير

انعقد البرلمان العراقي، أمس، لجمع ممثلي الشعب المنتخبين، بعد كر وفر من قبل الأحزاب السياسية الشيعية التي رفضت بداية - ورضخت لاحقاً للأمر الواقع - نتائج الانتخابات التي أسفرت عن مفاجئة سحبت أعداد هائلة من قوة أحزاب كانت تعتبر الأقوى على الساحة العراقية.

وقد أدى النواب الجدد القسم بعد أن تأخر انعقاد المجلس لساعات إفساحاً للمفاوضات في اللحظات الأخيرة والاتفاق على تحالفات قد اتفق عليها أكثر الأحزاب. وقد فشلت محادثات الليلة قبل الماضية لجمع جميع الأحزاب الشيعية تحت مظلة واحدة مما سيؤدي إلى ذهاب السيد مقتدى الصدر إلى اختيار الرؤساء العراقيين من دون الإطار التنسيقي.

فقد انعقدت في الأيام الماضية اجتماعات مكثقة بين ممثلين عن الإطار التنسيقي الشيعي وتبادلت الرسائل مع الحنانة في النجف الأشرف حيث يقيم الصدر، الذي يمتلك العدد الأكبر من النواب كحزب وحيد (73 نائباً) والكتلة الأكبر الذي استطاع حشدها من المستقلين والأكراد والسنة.

وهذا يعني أن الإطار التنسيقي فشل في التوصل إلى اتفاق اللحظات الأخيرة مع الصدر الذي أبقى الباب مفتوحاً أمام الإطار للتفاوض والقبول بواقع كان يعد مقبولاً منذ أيام ويقضي بأن يقدم مقتدى أسماء رئيس الوزراء ليتم اختياره من الأطراف الشيعية الأخرى.

وما حصل أن بعض أطراف الإطار التنسيقي رفعت من مستوى المطالب بعدد من الوزارات وطالبت بحصة في مراكز أخرى مثل نائب رئيس مجلس النواب ونائب رئيس الجمهورية.

وما لم يتداركه الإطار التنسيقي أن حجمه النيابي لا يعطيه القدرة التفاوضية التي تخوله فرض شروطه على الرابح الأكبر، الصدر. ولم تقتصر الأمور على ذلك فقط، فقد ذهب بعض أطراف الإطار - وليس جميعهم - بالتهديد بالإضرابات والاعتصامات وعدم الإقصاء وإلا... وهذا ما دفع الصدر إلى المضي وحده دون الإطار - رغم وجود أطراف داخل الإطار التنسيقي مؤيدة لمقتدى - إلى مجلس النواب للإعلان عن كتلته الأكبر واختيار رئيس المجلس النيابي محمد الحلبوسي ونائبيه ومن ضمنهم السيد حاكم الزاملي من التيار الصدري نفسه.

هذا لا يعني أن الحكومة المقبلة ستبقى دون مشاركة الإطار التنسيقي. فهناك احتمال كبير أن تعود أطراف الإطار إلى التفاهم مع الصدر بعد أن يُدرك هؤلاء أن زعيم التيار الصدري يستطيع أن يشكل الحكومة المقبلة من دون مشاركتهم. وتالياً فإن المفاوضات المستقبلية من الممكن أن تأتي - أو لا تحقق التفاهم المطلوب - بتطور مختلف عن مشهد اليوم إذا ما وصل الإطار التنسيقي إلى إدراك حقيقة حجمه وحقيقة تمثيله والتمثيل المقابل الأقوى للصدر.

لكن هذا الخلاف الذي وقع بين الأطراف الشيعية سيعقد الأمور السياسية أكثر مما يعتقده الكثيرون إنها قضية الكتلة الأكبر وكفى.

فإن الخلاف والتهديد الذي وصل إلى الصدر ومعاونيه من قبل أطراف داعمة للإطار تنعكس سلباً على علاقة الصدر مع إيران وحلفائها في العراق لاعتقاد مقتدى أنها تقف وراء هذه التهديدات والموقف السلبي للإطار. وتالياً فإن وجود حكومة عدائية أو غير متعاونة مع إيران يعقد المشهد السياسي أكثر مما هو معقد اليوم.

ولا يعني أبداً أن موقف مقتدى، المبتعد عن إيران، يعني أن الزعيم الصدري سيتهاون مع أميركا ويصبح شريكاً لها، بل على العكس، فإن موقف الصدر نابع من رؤيته الخاصة لإدارة العراق بعيداً عن التجاذبات الأميركية - الإيرانية. إلا أن هذا التجاذب لا يمكن تحقيقه لأن كلتا الدولتين الأميركية والإيرانية ستدافعان عن مصالحهما ومناطق نفوذهما.

فقد قالتها أميركا بصراحة للقادة العراقيين «نحن في العراق لنبقى ولن ننسحب»، وتالياً، فإن إيران لن تقبل بوجود القوات الأميركية في بلاد الرافدين من دون دفعها على الخروج من خلال عمل المقاومة التي تريد أخذ هذه المهمة على عاتقها.

وتالياً فإن الخلاف بين الفصائل الشيعية المسلحة - التي تنادي بخروج أميركا بالقوة – والصدر سيؤدي إلى اختلاف عميق في طريقة إدارة البلاد وتحييدها عن الصراعات الخارجية. وإذا استمر الخلاف كما هو حاصل اليوم، فإن التصادم الشيعي - الشيعي لم يعد بعيداً إلا إذا تدارك الطرفان الأمور ووجدا نقطة مشتركة لتنظيم الخلافات.

هناك من يتهم الصدر داخل البيت الشيعي بـ«الخيانة» و«العمالة» وبأنه «جاسوس لأميركا»، وهذا ما يقع كوقع المن والسلوى على قلب أميركا التي تنظر بعين الرضى للخلاف الشيعي - الشيعي لأنه سيبعد عنها الأنظار ليتسلى العراق بخلافاته الداخلية. وهذا لن يؤدي إلا إلى عدم استقرار في بلاد الرافدين للسنوات الأربع المقبلة، إلا إذا انقلبت المفاوضات عما هي عليه من خلاف اليوم وجمعت الأحزاب كلها تحت مظلة دعم مستقبل العراق بدلاً من خراب البصرة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي