تحقيق إيران الردع مع إسرائيل... يبعد شبح الحرب
أثناء الزيارة الأخيرة التي قام بها مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى إسرائيل، تعهد التزام الولايات المتحدة المحافظة على تفوقها العسكري.
إلا أن ذلك لا يعني بأن «أعداء إسرائيل» يتفرجون على تعاظم قوتها من دون فعل أي شيء وانتظار شن الحرب عليهم حين تُقرر تل أبيب، وتالياً فإنّ «إستراتيجية الردع» التي فرضت على إسرائيل أصبح بإمكانها منع الحروب لسنوات مقبلة في الشرق الأوسط.
تقرّ القيادة الإسرائيلية بأنها تواجه تحديات كبرى مصدرها إيران و«حزب الله» اللبناني. ويؤكد كبار ضباطها أن أي خيار عسكري لم يعد يعطي نتيجة لأنّ الأعداء أصبحوا أكثر استعداداً وتسلحاً بقدرات متطوّرة لم تكن موجودة من قبل.
وكشفت تل أبيب انه خلال عام 2021، حصلت عملية اختراق لـ94 طائرة من دون طيار للأجواء التي تسيطر عليها، وتالياً فإن قدرات الأعداء لم تعد تقتصر على الدفاع بل على أخذ المبادرة وتجميع المعلومات في «بنك أهداف مستقبلي يستخدم في أي حرب مقبلة. هذا من دون ذكر ان الطائرات المسيرة أصبحت مسلحة ولكنّها تخضع لتوازن الردع وفرض معادلة العين بالعين، ولذلك تتجنب الأطراف المتحاربة استخدامها إلا في حال الرد والرد المقابل.
وتُشاهد إسرائيل ما يفعله«حزب الله»على حدود لبنان عبر انتشار«قوة الرضوان» الخاصة على الحافة الأمامية، والتي تعتبر أن باستطاعتها خرق الحدود والسيطرة على مناطق حدودية.
ولذلك، قامت بتدريب قوات محلية وتسليحها لتصمد لنحو 12 ساعة، وهي المدة المطلوبة لاستقدام تعزيزات ومحاصرة أي قوة تُهدّد القرى التي تُسيطر عليها إسرائيل.
وتحاول تل أبيب استنهاض المجتمع الدولي لمحاصرة «حزب الله» بسبب التخمة الصاروخية التي يمتلكها، وأيضاً بسبب مصانع الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة التي أصبح حلفاء إيران يتقنون صنعها، وتالياً لم يعد يحتاجون إلى شحنات سلاح متواصلة بعد أن زودتهم طهران بالخبرات والمواد الأولية اللازمة.
وتراجعت ثقة الجمهور الإسرائيلي بالجيش وأدائه، وحتى تضعضعت الثقة داخل المؤسسة العسكرية نفسها بعد أن تراجع الحافز القتالي.
وتوجه الاندفاع نحو الوحدات غير القتالية، كالوحدات السيبيرية التي لا تتطلب تواجد الجنود والضباط على مسرح عمليات يمكن أن يتحول حرباً.
أما بالنسبة للحرب ضد إيران، فقد عرضت طهران عضلاتها - كما تفعل إسرائيل - لتظهر بنك أهدافها الغني وصواريخها الجوالة المجنحة والبالستية التي قلما تستطيع«القبة الحديد»الإسرائيلية بصواريخها الاعتراضية إيقافها.
وقد أثبتت تجربة معركة «سيف القدس» التي اندلعت بين قطاع غزة وتل أبيب العام الفائت، أن القدرات الصاروخية الاعتراضية لم تستطع وقف أكثر من 50 في المئة من صواريخ غزة التي تمثل إمكانات بدائية إذا ما قورنت بقدرات إيران و«حزب الله» الدقيقة.
وكما قال القادة العسكريون الإسرائيليون، إن عشرة صواريخ دقيقة تحمل رؤوساً ضخمة متوافرة لدى إيران وحلفائها تستطيع شل الحياة في إسرائيل إذا ما أصابت ودمرت البنية التحتية وشبكة المياه والكهرباء والمرافئ والمطارات المدنية، وتالياً فإن ما قاله رئيس الوزراء نفتالي بينيت أن«حزب الله» يملك أكثر من مئة الف صاروخ وآلاف أو مئات الصواريخ الدقيقة، يمثل أكثر بكثير مما يحتاجه أو تحتاجه إيران في أي حرب مستقبلية لتحويل الحياة في إسرائيل إلى بقعة جغرافية من الصعب استمرار الحياة المدنية فيها. ولهذا فان استمرار التحضير للمعركة المقبلة وإظهار القدرات الردعية العسكرية وتطورها هي الأدوات التي تمنع الحروب المستقبلية وتوازن التفوق العسكري الإسرائيلي - الأميركي.
ومن البدهي القول إن إسرائيل تخشى الاتفاق النووي بين إيران وأميركا لأن ذلك من شأنه أن يرفع العقوبات - على الأقل النفطية - ويعيد الأموال المجمدة المقدرة بأكثر من 110 مليارات دولار دون احتساب الفوائد والتعويضات.
وإذا كانت إيران وصلت إلى مرحلة الردع مع إسرائيل وأميركا وأي دولة تهددها وهي تترنح تحت أقصى العقوبات، فإن من الطبيعي أن ترتعد فرائض إسرائيل عندما يصبح لدى إيران المال الوفير الذي سيعيد الحياة إلى اقتصادها وإلى حلفائها بالطبع.