No Script

ألوان

أطلال الثقافة الرمضاء

تصغير
تكبير

يكرر صديقي المثقف باستمرار أنه عندما يبحث الباحث عن الشعر الجاهلي فإنه سيجد أمامه بعض ملامح انشغل بها النقاد، وأهم نقطة هي التغني بالأطلال، والشواهد كثيرة فقد افتتحوا قصائدهم بالوقوف على الأطلال، أي بالوقوف على آثار ما تبقى من ديار المحبوبة، وكان صديقي يردد شعر طرفة بن العبد الذي لم أكن أعرف إلا اسمه، وكذلك عمرو بن كلثوم، ولا أنكر انني استمتع بحديثه عن الشعر العربي الذي يردد دائماً أنه ديوان العرب، وأن الأطلال مهمة، لأنها تقف شامخة كشاهد أمام الحاضر، وهي تحمل قيمة أدبية وفنية كبيرة بل هي تشير إلى حضارة سادت ثم بادت.

ويمتلك صديقي هذا، قدرة لا أمتلكها على ربط الماضي بالحاضر، بل إنه يستشهد ببعض الأمثال المعاصرة ليسهل علينا في الديوانية بعض الأمور التاريخية، فهو يحاول أن يشير إلى أن مسرحية علي جناح التبريزي، ما هي إلا إسقاط على قضايا وهموم الواقع من خلال قصة تاريخية، وقال إن هذا أمر يمارسه المبدع كي يبتعد عن المباشرة وعن الرقابة في الوقت نفسه.

ويؤكد صديقي أن ليس كل شيء قديم مفيداً، بل إنه يرى هناك صحراء رمضاء لم ينس المبدع في الشعر الجاهلي من تناولها في شعره رغم أنها مضرة، مؤكداً أن رمض القيظ أي شدة الحر ووقع الشمس على الرمل والحجارة كانت حاضرة في الشعر أو مختبئة في روح الشاعر وتفاعله، إلا أنه يشير بقوة إلى أن هناك أطلالاً ثقافية تكون مثل الصحراء الرمضاء، وليس منها فائدة كما انها لا تجد شفيعاً لها من أناس أعتقد أنهم سيبقون داعمين له إلى الأبد، إلى أن جاءته الهالكة حين تم نفيه من الثقافة قسراً، ولما كان متمسكاً بالبيئة الثقافية التي لا ينتمي لها، وانه عاش بضع سنوات متطفلاً حتى وجد أن البيئة تطرده، ولما حاول الاستنجاد بمن اعتقد أنهم سيدعمونه إلى الأبد وجد نفسه وحيداً منبوذاً، فكان يبدو أمام الناس كما قال الشاعر العربي «المستجير بعمرو حين كربته... كالمستجير من الرمضاء بالنار».

ولم يجد المتطفل في سوق الجمعة الثقافي أي مناصر له، ثم يأتي باحثاً عن العدل الذي لا يغني ولا يسمن من جوع أدبي.

وكان صديقي يتناول بعض العناصر في تفاصيل الثقافة الكويتية على أنها صحراء رمضاء، ولكن هناك الكثير من الأشجار التي يمكن الاستظلال بها من هذه الشمس المحرقة.

وعلى الرغم من أني فنان تشكيلي، إلا أن صديقي هذا يذكر لي سلسلة من التفاصيل حول أسرار الحركة التشكيلية، إضافة إلى بقية الأمور عن الحركة الأدبية في المؤسسات الثقافية في الكويت الرسمية منها والأهلية خصوصاً أنه كان قريباً منها بحكم عمله السابق، وهو مازال يذكر لي دور الإعلام عندما كانت الثقافة حاضرة بقوة في عهد الشيخ جابر العلي، وفي المجلس الوطني عندما كان يدار من قبل فرسان الثقافة أمثال الشاعر أحمد العدواني والشاعر الدكتور خليفة الوقيان، وأسماء أخرى معجونة بالثقافة العميقة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي