No Script

جودة الحياة

كن جميلاً... وكفى

تصغير
تكبير

تهاوت صديقتي على طاولة المكتب وهي بالكاد تلتقط أنفاسها، ألقت بثقلها على أقرب كرسي، بدت مُجهدة، مُشتتة الأفكار، توزع نظراتها على أثاث وديكور المكتب كأنما تراه للمرة الأولى، شرعت على الفور في سرد أسطوانة مشروخة لطالما سمعتها كثيراً، تجربة زواج فاشلة انتهت بطلاق وتسريح بغير احسان.

إنها تفاصيل تبعث الأسى في النفس وتثير القلق والكأبة، بادرتها بالقول هذه ليست نهاية العالم، لن تكوني أول ولا آخر المطلقات، متى تواجهين الحياة والعالم من جديد إذا كنتِ لاتزالين في مربع الشكوى والبكاء على اللبن المسكوب.

لا أدري لماذا توقفت بغتة عن إسداء مزيد من النصائح لتلك الصديقة، وهي تعاني لحظات ضعف وتشاؤم سد أفق حياتها باليأس والانكسار، ربما لأني أدركت أن إدارة دفة الحوار عبر الجلوس على مقعد المرشد أو الناصح لن تفيد طالما كان اليأس سيد الموقف.

يقيني أن الحياة لا يمكن أن تكون سلسلة من الآلام وتجارب الحب والزواج الفاشلة والخصومات العائلية، ففي الحياة ثمة جمال وخير وسعادة تتسع وتتمدد متى أبصرتها بقلبك، وكما قال: إيليا أبو ماضي

أيها المشتكي وما بك داء...

كيف تغدو إذا غدوت عليلاً...

كن جميلاً ترى الوجود جميلاً...

والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً، غير ان الاستمتاع بجمال الحياة ورونقها لا يأتي إلا بالنظرة الإيجابية للحياة التي تقتضي أن نأخذ زمام المبادرة إلى الحركة والعطاء والعمل وتغيير ما بالنفس، وهي تعني أيضاً التفاعل الجيد مع الحياة ومع الآخرين والقدرة على تجاوز محطات اليأس والهزيمة التي تفرضها سلبيات الواقع، إلى حيث التمتع بما وهبنا الله من نعم في الطبيعة وفي الحياة.

من منا لا يحمل هماً ولا يعاني من ضغوطات ومفاجآت الحياة التي لا ولن تنتهي طالما ما زلنا نتنفس هواءها، ولكن يكمن الفرق بين إنسان وآخر أن أحدهم استطاع أن يتعامل مع ظروف ومتغيرات الحياة بذكاء، ويستمتع بكل لحظاتها لأنه أدرك أن الحزن والغضب لن يحلا مشكلة أو يصلحا حالاً بل بالعكس قد تتعقد الأمور.

في حين، أن الآخر استسلم وسلم رايته للحياة وظروفها، فعاش بكآبة وحزن وشكوى وتذمر، وبالتأكيد بعضاً من أمراضها المزمنة والمستعصية لتكتمل حياته هماً وغماً.

علينا أن نعلم أن لا فرح يستمر ولا حزن يدوم، وكل مُر سيمر عاجلاً أم آجلاً.

فالاتزان العقلي والعاطفي والإحساس المُفعم بجمال الحياة والقبول والرضا وراحة البال بمستوى رفاهية الحياة التي نحياها، وهي العناصر التي تمكننا في ذات الوقت من تحسُس مواطن الجمال والاستمتاع بها، فليس لنا إلا حياة واحدة على ظهر الأرض ينبغي أن ندرك تماماً كيف نعيشها ونكون فيها كما أردنا أن نكون.

Twitter: t_almutairi

Instagram: t_almutairii

Email: talmutairi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي