No Script

خواطر صعلوك

النفخة الكدابة...!

تصغير
تكبير

مطعم العاصي في دمنهور، هو أشهر مطعم فول مدمس في مصر كلها، إذ يقال: أنه أهدى للملك فاروق قدرة من الفول المدمس، فحين ذاق منها طبقاً في فطوره، لم يرسل له المال بل أرسل له لقب «البكوية» في برقية عاجلة.

يبدو التاريخ والحاضر حاضرين فيها بكل ما تحمله من معنى... فيها الخيال والواقع متشابكان بكل ما تحمله من كلمة.

كم عدد أطباق الفول المدمس في حياتنا نحن الذين رأينا كيف تُحصد الألقاب والمناصب ببندقية، وبطلقة واحدة تسقط اثني عشر طيراً من الشجرة دفعة واحدة؟... وهذه مزحة عزيزي القارئ وليست سؤالاً، وهي مزحة كان ينبغي أن تضحك عليها الجوقة السوفياتية التي كانت تتحلق حول «ستالين» عندما أخبر افرادها أنه أسقط اثني عشر طيراً بطلقة واحدة، ولكنهم بدلاً من أن يضحكوا؛ صدقوا!

لقد صدقوا المزحة، لكي يحصلوا على المناصب في الحزب.

وشعر ستالين بالألم، فكل نكتة يقولها تصبح منزوعة المفارقة، ولا تُضحك.

دعوني أخبركم بعض النُكت المنزوعة المفارقة.

الكويت تتعهد بتقديم 30 مليون دولار دعماً لمبادرة التعليم العالمية في 5 سنوات، في الوقت الذي تناشد فيه المدارس الجمعيات التعاونية من أجل تزويدها بالمكيفات!

الكويت تتعهد بإنشاء مدن، إنشاء محطات، ونحن لنا «إن شاء الله».

وسوف تحملق في كل شيء دون أن يتقدم واقعك التعليمي خطوة واحدة للأمام، وتكتشف أننا لا نصبح في الصفوف الأمامية إلا وقت الأوبئة فقط.

يمضي زوار المعارض التشكيلية أمام كل لوحة وقتاً يُقدر بثماني ثواني.

فقام متحف «ريجيكس» في أمستردام بالاستعانة بفريق عمل لا يفهم في الفن، ولكنه يفهم في التسويق وإضاعة الوقت والتفكير الإبداعي الذي لا يأخذك إلى أي مساحة إبداعية.

حيث قام فريق العمل بوضع مجموعة من الأسئلة تحت كل لوحة من أجل أن يمضي الزوار وقتاً أطول أمامها، بعيداً عن جمال اللوحة من عدمه!

وكانت بعض الأسئلة كتالي:

- هل يمكنك إثبات أن الفنان هو الذي رسم هذه اللوحة؟

- كم تساوي هذه اللوحة في رأيك؟

- هل تجد أي خطأ في اللوحة؟

- إذا اشتريت هذه اللوحة أين يمكن أن تضعها؟

ارتفعت نسبة مشاهدات اللوحات في المعرض إلى نصف ساعة لكل لوحة، وتعاقب الزوار على قراءة الأسئلة والأجوبة، في الحقيقة لقد أمعنوا النظر في كل شيء عدا اللوحات نفسها!

يحدث الشيء نفسه الآن في كل شيء، ليس فقط على مستوى المتاحف التشكيلية، ولكن أيضاً على مستوى الحكومات والوزارات.

تتم الاستعانة بفرق عمل متخصصة في التسويق والنشر والنفخ والسوشال ميديا، ينشرون مشاريع الدولة وخططها الإستراتيجية وميزانيات العمل خلال عشر سنوات، ومؤتمرات صحافية، ومقابلات تلفزيونية تُخبرنا أن الخطط سوف تُنفذ على الأرض يوماً ما، ويبقى المواطن فاغراً فاه وهو يحملق في كل شيء دون أن يتقدم واقعه خطوة واحدة للأمام.

Moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي