No Script

خواطر صعلوك

الحب في التسعينات!

تصغير
تكبير

رن جرس الهاتف في منزلنا، وهو هاتف منزلي أبيض بـ(أزرار) رمادية كُتب عليها بالأبيض أرقام حمراء وأحرف سوداء، فإذا المُتصل صديقي يُخبرني أن الفتاة التي أحبها، تُحب صديقاً آخر لنا.

في الواقع... لقد كنا نحن الثلاثة نُحبها... وهي لم تُحب سوى شخص رابع لا نعرفه.

قلت له: انتظر إني قادم لزيارتك.

أغلقت سماعة الهاتف، وارتديت تيشرت أبيض عليه رقم 5 باللون الأحمر، وشورت أبيض وجوارب بيضاء طويلة للركبة، ثم خرجت من البيت، منطلقاً إلى القرين حيث يسكن صديقي، ولكني وجدت نفسي أسيراً في شوارع كيفان، وخُيّل لي أن هناك شخصاً يتبعني، حتى وجدت نفسي في استاد نادي الكويت، وكان مضاء بالكامل،والجماهير على آخرها... وصوت الكابتن محمد عبدالله يتصاعد في أذني: عطوااااان... غَيِّر اللعب!

ظللت أركض في الملعب... ثم وجدت نفسي أمام الشِباك مُنفرداً، وكان المرمى فارغاً والمدافعون لم يكن لهم وجود، والكرة أسفل قدمي... ركلتها ولكنها خرجت خارج الملعب، تملكني إحساس بالعجز والخوف، وعرفت من ضحكة الجمهور أن ما حدث مهين مُخجل وسيجعلني نُكتة.

خرجت الفتاة التي كُنا نحبها نحن الثلاثة، من بين الجماهير، ونزلت إلى الملعب وسارت بين اللاعبين في دهشة من الحُكام والطواقم الإدارية، وارتعش لمرآها قلبي، أمسكت يدي اليمنى بلمسة لا تكاد تشعر بها حتى ينجلي الألم، وهمست لي قائلة: تعال... سأريك شيئاً.

وجدت نفسي في سوق شعبي كبير، لعله كان سوق «المغربلين» في مصر... سوق مُمتد مليء بالخلق والناس والأفق، وأمي ترتدي نقاباً على غير عادتها.

وضعتني أمام دكان للنحاسين، يبع صحوناً وملاعق ومزهريات وحيوانات من النحاس، وكانت هناك لوحة تتدلى من باب المحل مكتوب عليها«الرضا باب الله الأعظم».

وضعتني أمي تحتها مباشرة وقالت لي: انتظر هنا حتى أعود... ولا تتحرك... فقط انتظر!

أخرجت جوهرة من صدرها، وضعتها تحت لساني... ثم غابت بين الزحام.

استيقظت من النوم... قمت من فراشي، توضأت وصليت العصر.

قصة قصيرة:

قبل عشرين سنة من الآن - وتحديداً عام 1990م - كان الناس يستخدمون عقولهم لتذكر الأشياء المهمة، مثل رقم الهاتف والمواعيد؛ وأسماء أحبائهم، ووجوه النساء اللائي يعشقونهن، وأعياد ميلاد أبنائهم، ثم ظهرت الهواتف الذكية... ونسينا كل شيء.

@Moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي