No Script

من الخميس إلى الخميس

من دونه تتمزّق الأوطان!

تصغير
تكبير

في الغزو العراقي للكويت عام 1990، أثبت الشعب الكويتي قدرته على الاتحاد والوقوف صفاً واحداً، متماسكاً ضد غزو بلاده.

لقد أصّلَ الشعب الكويتي - آنذاك - حقيقة معلومة من التاريخ، حقيقة أن الاتحاد هو أكبر عناصر الفوز، واليوم نرى هذه القاعدة أمامنا واضحة، فالشعوب الممزّقة بين الأحزاب والطوائف، شعوب ضعيفة مهزومة، تحيا حياة بائسة وتتمنى الهروب خارج الوطن، رغم وجود ألف محطة إعلانية تبشّرها بالنصر وتطلب منها مواصلة حياة البؤس وتُحَقّر مَن حولها.

أول سطر يتعلّمه الأطفال، لا بد أن يكون حب الوطن والعمل الجماعي لرفعته، إذا توزّعت الولاءات، فلا مجال لحوار العقلاء، فالحوار الوطني لا بد أن يقوم على أساس الولاء للوطن... الوطن وحده.

اليوم نرى بلاداً عربية مزّقتها الخلافات، ونرى الزمن يسير أمامها وهي تسير عكسه، وكلما زرت بلادهم أو اطّلعت على مؤشرات أداء التنمية لديهم كلما رأَيتَ تراجُعَهُم، في كل مؤشرات التنمية، ما عدا مؤشراً واحداً، لم يضعه علماء التنمية والإحصاء، بل هم وضعوه لأنفسهم، إنه مؤشر الشعارات والتدليس... التدليس الذي يمارسونه على شعوبهم ومؤيديهم ليل نهار.

اليوم هناك بلاد عربية وصلت الفضاء، وجنت مؤشرات التقدم في التعليم والصحة، ودخلت عصر الذكاء الصناعي، ووحّدت الخدمات بالهاتف، ويعيش شعبها في أمن ورخاء، وتجد عندهم خلافات الترف ضمن حدود الولاء للوطن، فتقرأ في صحفهم عدم رضاهم عن مداخيلهم الشهرية المرتفعة مقارنة بتسعين في المئة من شعوب العالم ومئة في المئة عمن حولهم، وعن حاجتهم لمزيد من مؤسسات الترفيه، تقرأ كل ذلك وتتعجب من سرعة تحقيقهم للإنجازات، ويزولُ عجَبَك وأنت تراهم يسيرون على الطريق الصحيح، فولاؤهم الأول لوطنهم ورفاهية شعبهم وتحقيق التقدّم والإنجاز.

هذه الشعوب حققت دولها - وبتضامن أفرادها ووحدتها - المعجزات، التي لم تحققها لأنها دول بترولية فقط، فهناك دول بترولية فاشلة يذبح بعضهم بعضاً، كما لم تحققها لأن شعوبها مجتهدة، فهناك أيضاً دول لا تتوقف شعوبها عن العمل، ولكن السرّ الحقيقي يكمن في ذلك الإيمان المتأصل بوحدة الوطن، وعدم السماح بتمزيقه.

لن ينفع أن ندفع الأموال لدول اختارت التفرقة وتعدد الولاءات، فهذه أموال ضائعة علينا وعليهم، ولن ينفع أن ندعم قضايا لم ينجح أهلها بدعم أنفسهم وتوحيد صفوفهم والابتعاد عن تعدّد الولاءات، فهذا تضييع لوقتنا ووقتهم.

لن تنجح (بروباجندا ) الخداع في تنمية قدرات الشباب، أو توفير مقعد مريح للتعليم أو في تحقيق الأمن الصحي، لن ينفع تلك الدول صياح طالبي الشهرة، الذين ارتفعت أسماؤهم وزاد عدد متابعيهم، صياحهم بالشعارات التي تزيد الخلافات، وتحيي مشاعر الكراهية بين أبناء تلك الدول.

درس الكويت اليوم نراه في دول الخليج، فجميعهم مشغولون بتحقيق الولاء الواحد وتنمية بلادهم، وأتمنى أن أرى أبناء الشعوب العربية الأخرى يسيرون على الدرب نفسه، وأدعو الله أن يستمر أبناء بلادي في الحفاظ على ولائهم الموحد للوطن، فهذا هو مؤشر النجاح الذي من دونه تضيع الأوطان وتتمزّق.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي