No Script

سافر إلى ذاتك

كيف تصنع قاتلاً؟

تصغير
تكبير

في حادثة ليست الأولى من نوعها، بل المكرّرة في تفاصيلها وسردها وعمقها، هي ليست حادثة بقدر ما هي معاناة كل امرأة، إلا أنها معاناة مفصلية فصلت بين صراخ الحياة وصمت الموت.

هل الموت لديه قدرة على الصراخ أكثر من الحياة ذاتها؟

هل الموت سبب لإحياء مشاعرنا وإعادة ترتيب حياتنا؟

هل الموت هو صك الثورة وإنذار المساعدة المسموع؟

هل تحتاج المعنّفة أن تموت لتصحو ضمائرنا، وتنهض إنسانيتنا

وتثار مشاعرنا؟

وإن كان نعم... كم ضحية نحتاج للتغيير... لنصحو؟

كم من الجنائز ستقام، لنفيق على صرخة المرأة؟!

كل تلك التساؤلات انتابتني، فهذا الأمر هو بمثابة رحلة تربية طويلة لا موقف وقتياً وينتهي الأمر، إنه صراع يغرس ويربى ويثبت بالعقل ليدير كل شيء

كيف ذلك؟

لنذهب معاً في رحلة التربية ونتائجها، كل امرأة تعنف منذ طفولتها حتى نضجها.

فمن صغر سنها «(عيب أنتِ بنت) ولا تسوين كذا (لأنج بنت) لا تطلعين ولا تزورين صديقاتج (لأنج بنت) ولا تتكلمين ولا تعبرين (لأنج بنت) لا تدرسين إلا بكليّة معينة (لأنج بنت)، ولا تحققين كل أحلامج (لأنج بنت) لازم تضحين (لأنج بنت) ولازم تتزوجين فلان»، وكثير من الحدود الضيقة التي سببها أنها بنت أو امرأة، أما الشاب «عيب تقول اسم أمك، لا تبكِ أنت رجال، لازم ما نعرف شكل أمك، والمرأة عار وعورة وأنت قوي والمرأة ضعيفة، لا تعطِ المرأة وجهاً، وافرض شخصيتك وكلمتك عليها»،

بتأسيس هكذا... وعندما تقرأ هذه الكلمات عزيزي القارئ ماذا ستتوقع؟

امرأة تعيش بأمان في الحياة. أو رجل يحترم المرأة. أو علاقة صحية بينهما من الأساس؟

لا لا لن تجد فالعلاقة بنيت على المقارنة غير العادلة والتفضيل غير المبرّر مع قوانين مدعومة اجتماعياً، ورؤية إعلامية دافعة لإثبات هذه الصورة والرؤية.

قُتلت فتاة، بكى الجميع لأجلها لأنهم سمعوا قصتها، وتعرفوا على معاناتها التي ظهرت على السطح فأسمعت الجميع.

ولكن كثيراً من الفتيات يُقتل كل يوم لم نسمع عنه، بعد ليس قتلاً بمعنى قتل، بل قتل نفسي، بتر للطموح، قيود لا منطقية والكثير من الحواجز غير المرئية.

جميعنا يصنع قاتلاً، كأمهات وآباء ومربين، إذا علمناهم أنك أيها الرجل أهم من أختك وأمك، وأن حياة أختك وأمك تحت سيطرتك وأن زوجتك هي الأَمة الأبدية لك، وجميعنا يصنع قاتلاً، عندما ننكر على الرجل ذكر اسم أمه أو الخروج معها، والخجل من وجود أخته أو التحسس من ذكر اسم زوجته.

وجميعنا يصنع قاتلاً عندما نرى أن ضرب الرجل لأخته أو زوجته أو ابنته سلطة، وتخويفها قوة، وفرض سيطرته عليها رجولة.

وعند كل ما صنعناه نحن لا نحتاج قانوناً رادعاً فحسب، بل نحتاج مؤسسة تربوية تعيد لنا تربية القيم والأدوار بشكل صحيح نفسياً... لُطفاً بالقوارير.

‏Twitter &instgram:@drnadiaalkhaldi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي