No Script

من الخميس إلى الخميس

رفقةُ إبليس!

تصغير
تكبير

قبل عشر سنوات - وفي قاعة المؤتمرات في إحدى فنادق القاهرة - وقفت امرأة كبيرة في السن مكللة بالحزن والوقار، المؤتمر مقام بتنظيم الاتحاد العربي لمكافحة المخدرات، وكان يحمل عنوان (مخاطر المخدرات ومستقبل الأمة) .

المرأة طلبت مداخلة، واستمعنا جميعاً لها، كلماتها ما زالت محفورة في ذاكرتي، تهزّ نفسي وتعصف بذاتي، ففي خمس دقائق اختصرت المرأة معاناة ثلاثين عاماً، قالت: كنت وكيلة وزارة ولدي أحلام عظيمة لبلدي ولأسرتي ولنفسي، ابني الأكبر اصطادته عصابة للمخدرات فأصبح مدمناً، منذ أن وقع في براثن الإدمان انتهى عندي كل شيء، حياتي أصبحت تدور حوله، مصحات للعلاج يهرب منها، أقسام شرطة وتحقيقات، كان كل همي ألّا يؤذي أبرياء بعد أن آذى نفسه وأسرته التي لم تعد أسرة، ثلاثون عاماً وأنا معه وهو مع ذلك المخدر الذي تمكّن منه، كان التخلص من تلك السموم فوق قدراته وفشلت كل محاولاته اليائسة للعودة إلى الحياة مرة أخرى، بكى كثيراً وهو يراني أذبل أمامه، بعد ثلاثين عاماً سقط من بنيان شاهق وانتهت حياته بعد أن أنهى حياتي.

تذكرت تلك القصة المأساة وأنا أقرأ خبر تهريب المخدرات للخليج من لبنان، قفز لذهني العنف في مجتمعنا الذي يذهب ضحيته أبرياء، بسبب عدم اتزان العقول التي تشبعت بالمخدر.

أيُّ كراهية يحملها لنا من يصنع ألواح الخشب بحرفية ليدس فيها تلك السموم، ثم يغطيها بالفاكهة ليتمكّن من إدخالها إلى الخليج وتدمير شبابه، أيُّ حقدٍ أعمى يجعل أولئك المجرمين يجتهدون برفقة إبليس لتحطيم شبابنا وتمزيق أسرنا.

عظيم ما فعلته المملكة العربية السعودية، بمنع الصادرات من بلاد تَحَكّم فيها دعاةُ الفساد وانتشرت فيها مزارع المخدرات من أجل دمار أمتنا.

قبل سنوات طويلة قدّمَ مكتب مكافحة المخدرات التابع للأمم المتحدة، للبنان فرصاً كثيرة ودعماً مالياً للمزارعين من أجل إحلال زراعة الفواكه والخضراوات بدل زراعة السموم، لكن هناك قوى حاربت تلك الفرص ومنعت المزارع من تحقيق المكسب الحلال، القضية لم تكن تجارة بل هي إستراتيجية دمار، ولهذا لا بد أن تقف حكومات الخليج موقفاً قوياً واضحاً لا تردد فيه، من أجل محاربة تلك الإستراتيجية وليست التجارة، الهدف هو شبابنا حتى لو يُوزع المخدر ببلاش، هذه هي الرسالة وهذه هي أهدافها، لا أتمنى أن أرى أمهاتنا في مثل موقف تلك المرأة الفاضلة التي أنهى ابنها المدمن أحلامها وحياتها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي