واشنطن لا تُمانع في العودة إلى الترتيب السابق لانسحاب ترامب من الاتفاقية النووية

بيرنز وظريف التقيا في بغداد... لم يلتقيا!

تصغير
تكبير

فجّر كبير الباحثين في معهد «أميركان انتربرايز» مايكل روبن «قنبلة سياسية»، بنشره، على موقع 1945، خبراً مفاده بأن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي اي) بيل بيرنز، زار بغداد، وعقد لقاءات مع مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى، بينما رجّحت مصادر أميركية أن يكون التقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي كان يزور بغداد، أول من أمس.

وتابعت أن اللقاء السري عُقد في منزل وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين.

في العام 2013، أدار بيرنز - وكان لا يزال وكيلاً لوزارة الخارجية - بالاشتراك مع جايك سوليفان، الذي يعمل اليوم مستشاراً للأمن القومي، قناة مفاوضات سرية مع مسؤولين إيرانيين في مسقط، وتمحورت المفاوضات حول ملف إيران النووي. وأدّت القناة السرية إلى التوصل للاتفاقية النووية في العام 2015.

وروبن كان من أبرز مؤيدي حرب العراق في 2003، وكان يتمتع بعلاقة جيدة مع قباد، نجل رئيس العراق الراحل جلال طالباني، وكان قباد يعمل وقتذاك ممثلاً لحكومة إقليم كردستان في العاصمة الأميركية. والأرجح أن روبن مازال يتمتع بعلاقات جيدة مع طالباني والمقربين منه، فيما فؤاد حسين هو من المحسوبين على عائلة بارزاني الكردية، المنافسة لطالباني.

ولم تنف الإدارة الأميركية الخبر، بل أحالت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي الصحافيين المستفسرين على «سي آي اي»، المعروفة بتكتمها على نشاطاتها عموماً. وفي وقت لاحق، أبلغ ناطق باسم الوكالة، صحيفة «واشنطن اكزامنر» أن الخبر عن «لقاء» بيرنز غير صحيح. لكنه رفض الإفصاح عن جدول لقاءاته الماضية.

كما نفى الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، لـ«وكالة تسنيم للأنباء»، خبر لقاء مسؤولين إيرانيين مع بيرنز في بغداد، ووصف ما تم تداوله بـ«الصحافة الصفراء».

ومع تكتم الإدارة، سرت إشاعات متضاربة في العاصمة الأميركية حول فحوى «اللقاء السري». وقال بعض المقربين من إدارة الرئيس جو بايدن أنه رشّح إليهم أن بيرنز أبلغ ظريف أن واشنطن لا تُمانع في العودة إلى الترتيب السابق لانسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاقية، والقاضي بالاتفاق نووياً والاستمرار في المواجهة في الملفات الأخرى.

والعودة للاتفاق النووي تَعني أن تقوم الولايات المتحدة برفع عقوبات عن ثلاثة قطاعات إيرانية، هي النفط والشحن البحري والتأمين، وإبقائها على كل القطاعات والكيانات الأخرى، بما في ذلك العقوبات التي أضافها ترامب، وشملت قيام وزارة الخارجية بتصنيف «الحرس الثوري» الإيراني على لائحة التنظيمات الإرهابية.

ونقل الإعلام الموالي لطهران، عن الوفد الإيراني الذي توجه للمشاركة في جولة محادثات جديدة في فيينا، أن المحادثات غير المباشرة التي تجري في العاصمة النمسوية توصلت حتى الآن إلى الاتفاق على بعض النقاط، منها أن لا عودة تدريجية من الجانبين بل اتفاق فوري. ومما قاله الوفد إن من ضمن الأمور التي صار متفقاً عليها الآن هي أن رفع العقوبات ستتضمّن القطاعات الثلاثة المذكورة أعلاه.

وسبق لبيرنز أن نشر - على اثر تقاعده من وزارة الخارجية وتوليه منصب رئيس مركز أبحاث «كارنيغي» - كتاب مذكراته بعنوان «القناة الخلفية»، ذكر فيه أنه «بعد تطبيق الاتفاقية النووية ورفع بعض العقوبات الأميركية، لم يتحوّل الاقتصاد الإيراني إلى اقتصاد عملاق، بل بقي غارقاً في أزماته، واندلعت تظاهرات معيشية ضد النظام في 2017، وهو ما يعني أن الاتفاقية سلبت النظام الإيراني حجة كان يستخدمها أمام الناس لتبرير فقرهم».

وأضاف بيرنز أنه «في الأثناء نفسها، واصلت إيران تصدير عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، واستغلت الفوضى في سورية، وسرّعتها في اليمن»، معتبراً أن «الرئيس (السابق باراك) أوباما كان دائماً يعلم أن المفروض هو إدخال الاتفاقية النووية في استراتيجية أوسع لطمأنة أصدقائنا وشركائنا، الذين كانوا يخشون أن يؤدي حوارنا مع طهران إلى تخفيف دعمنا لهم».

وختم بيرنز أن «الاتفاقية النووية حفظت بوضوح حق الولايات المتحدة وشركائها في اتخاذ خطوات ضد حكومة إيران على خلفية الأمور غير النووية، ولكن مع ذلك، هاجم معارضو الاتفاقية بشكل كاريكاتوري، وقالوا إنها ضبطت طموح إيران النووي لكنها عززت قدرتها على نشر المتاعب».

لكن «الاستراتيجية الأوسع لطمأنة أصدقائنا وشركائنا» حول الاتفاقية النووية، التي أشار اليها بيرنز، يبدو أنها تقتصر على شعارات وكلمات، إذ ان الزيارة السرية تؤجج الانطباع القائل بأن الولايات المتحدة عازمة على العودة للاتفاقية بأيّ ثمن، حتى لو اقتضى ذلك مفاجأة الحلفاء، وفي طليعتهم إسرائيل.

وتستقبل واشنطن، هذا الأسبوع، وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى يقوده مائير بن شابات، مستشار الأمن القومي، ويضم رئيس جهاز«الموساد» يوسي كوهين. وكان من المقرر أن يكون في عداد الوفد رئيس الأركان آفي كوخافي، لكن التوتر العسكري الذي ساد في قطاع غزّة أجبره على البقاء في إسرائيل.

ويشكو الإسرائيليون من أن واشنطن لا تتشاور معهم بشفافية حول تطورات المفاوضات النووية، وأنها ماضية في إعادة إحياء اتفاقية تراها الدولة العبرية بمثابة تهديد وجودي لها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي