No Script

رأي قلمي

كل ما ينافي إنسانيته...!

تصغير
تكبير

تنبع أهمية التربية من كونها تعنىٰ بتأهيل الإنسان ولا سيما الطفل ليحيا ويعيش عصره بفاعلية أخذاً وعطاءً فعلاً وانفعالاً، ولو ترك أي إنسان دون تربية وتوجيه وتدريب لوجدنا أنه إلى التوحش أقرب منه إلى الآدمية. والتربية هي تعاهد الجوانب المختلفة للكائن البشري بالتنمية والإصلاح على وجه التدرج، أي معالجة للكائن البشري معالجة شاملة، جسمه وعقله وروحه، حياته المادية والمعنوية وكل نشاطه على الأرض.

فقد أوكل الله سبحانه وتعالى إلى الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - مهام تعليم الناس وتزكيتهم ودلالتهم على ما يحقق وجودهم الإنساني بشكل كامل، قال سبحانه: «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ». سورة الجمعة: الآية ٢. يمكن للحيوان أن ينشأ دون رعاية ويشبع كل غرائزه ويقوم بكل وظائفه دون مساعدة من أحد، أما الإنسان فأمره مختلف، لأنه لا يستطيع أن يصبح إنساناً إلا بالتربية.

وتنبع أهمية التربية مرة أخرى من أنه لا شيء مما يؤلف الإنسانية: اللغة والفكر والمشاعر والأخلاق... ولا شيء مما سعت الحضارة آلاف السنين للحصول عليه يمكن أن ينتقل إلى شخصية المولود الجديد إلا عن طريق التربية. إن وَلَدَ إنسان لا يربيه إنسان لا يملك شيئاً مما يملكه الإنسان، إن الإنسانية ليست وراثة طبيعية، بل ميراث يتحتّم على كل إنسان أن يستعيده.

وخلاصة كل ما سبق أن من يرتكب الكبائر والأفعال المشينة بحق الإنسان والإنسانية، فهو لم يُعد الإعداد المناسب ليعيش بكفاءة في عصر معقّد يكون حظه غالباً العيش على هامش المجتمع منفعلاً غير فاعل، وآخذاً غير معطٍ، بل ربما جعل منه مخلوقاً قابلاً لأن يستغله الآخرون أسوأ استغلال، وتستغله نفسه الأمّارة بالسوء بأفعال تناقض آدميته، وتنافي إنسانيته، وتعارض تربيته. فهو يعيش وضع مأسوي، حيث إنه لم يتلقَ النحت والتشذيب في شخصيته عندما كان طفلاً من خلال التربية، ولم توافر له الحاجات والشروط التي تسمح بنمو شخصيته بشكل متكامل وصحيح، شكل يردعه ويزجره عن فعل كل ما ينافي إنسانيته وتربيته.

M.alwohaib@gmail.com

@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي