No Script

بوح صريح

حتى تنجو

تصغير
تكبير

إن وجود الفيلسوف والمصلح والناشط والمثقف والأديب والفنان... وجهده وإبداعه ومؤلفاته الفلسفية لا قيمة لها، إذا لم يساهم بها في حل مشاكل الإنسان، تحليل واقعه وانتقاد الخاطئ فيه وتصويبه. ثم ترسيخ قيم الحياة الإنسانية ذات الطابع الأخلاقي التي تنبذ كل أشكال التطرّف والعنصرّية والتفرقة والطبقية والعنف. والنهوض بالأمة وخط خطوات التغيير والتنوير بوضوح وحزم في أرجاء المجتمع.

أما أن ينزوي المبدع ويعمل في مكتبه أو كهفه مغلقاً عليه كافة أبواب التواصل والتحاور والتبادل والمشاركة، فذلك بمثابة إيذان لفناء أعماله واندثار إبداعه.

فما دام الإنسان واحداً في النوع فلا مبرر له من اللجوء إلى التفرقة والطبقية والتنمّر والسخرية والجريمة. وبذلك تكون قيم الفيلسوف بمثابة ترجمة لوجوده ولتأمله الفلسفي.

وهو ما يجسّده إيمانويل كانط في نصه أوّل قيمة للسلام. وهي قيمة فلسفية كونية. تمثل تفكيراً وتأملاً في عمق المشاكل الإنسانية المطبوعة بالعنف، والتي ينتهي فيها إلى ضرورة منع الحرب وإعلان سلام دائم بين الشعوب و الدول.

لكن أليس صحيح أيضاً...

ألّا ينفع أن تكون طيباً لآخر الحدود

ولا خيراً وحنوناً مع الكل

أو متسامحاً كلياً مع كل من ضرّك وآذاك

ورغم أنني أستاذة فلسفة أخلاق لأكثر من 15 عاماً، وبعيداً عن «الد» الأكاديمية وتنظير أفلاطون وأرسطو وبكائيات كيركغارد ونيتشه... إلا أنني أجزم أنك تحتاج إلى بعض الحزم في قلبك، وتجنيد الكثير من الغموض وللعمق لفهم بعض أشباه الثعالب التي نعيش معهم. وبينهم رغماً عنك حتى لا نكون طيراً أو فراشة أو غزالاً في حياة تتطلّب المكر والتلاعب والحيلة والمواربة والتخفّي والتخلي والإخفاء أحياناً... لكن دون فقدان حقيقتك والنأي عن مبادئك وأسس تربيتك.

ليس... حتى تصنع ثروة أو شهرة وسلطة وجاه

لكن...

فقط حتى لا تفقد كرامتك تماماً...

حتى تنجو... ببساطة فقط تنقذ نفسك وتنجو.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي