No Script

زيارة كوهين إلى واشنطن تسبقها «إنجازات» الاستخبارات الإسرائيلية في منشأة ناتانز الإيرانية

«الموساد» يضغط لإقناع بايدن بعدم العودة لـ «النووي»

هل يلتقي كوهين بالرئيس الأميركي لإقناعه بـ «خطورة» العودة إلى الاتفاق النووي؟
هل يلتقي كوهين بالرئيس الأميركي لإقناعه بـ «خطورة» العودة إلى الاتفاق النووي؟
تصغير
تكبير

سبقت زيارة رئيس الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، يوسي كوهين، إلى العاصمة الأميركية «إنجازات» جهازه، مع تداول وسائل الإعلام أنباء عن أضرار فادحة طالت منشأة ناتانز النووية الإيرانية، بسبب هجوم - يعتقد خبراء أنه سيبراني - أدى إلى تعطيل جزء كبير من الشبكة الكهربائية في المنشأة وتخريب عدد غير معروف حتى الآن من طرود التخصيب المركزي لليورانيوم.

وكانت إيران أعلنت، السبت، استبدالها عدداً من طرود ناتانز القديمة بأحدث منها من الجيلين الخامس والسادس، لكن «الحادث» الذي أعلنت عنه وسائل الإعلام الإيرانية يبدو أنه أدى إلى تدمير معظم هذه الطرود، وأدى إلى تعثّر عملية التخصيب التي تقوم بها طهران.

وتتوقع مصادر الإدارة الأميركية أن يجري كوهين في واشنطن سلسلة من اللقاءات مع نظرائه من قادة أجهزة الاستخبارات الأميركية، وأن يقوم بتزويدهم بمعلومات سرية وحساسة جمعتها إسرائيل حول برنامج إيران النووي.

وتشير تقارير في العاصمة الأميركية إلى أن لدى الإسرائيليين معلومات تؤكد أن «الجمهورية الإسلامية دأبت على إخفاء جزء كبير من برنامجها النووي، وأنها تدير برنامج تسلح نووياً، على عكس ما تعلنه لناحية أن أهداف برنامجها سلمية محضة وهدفها توليد الطاقة النووية للاستخدام المحلي».

وتشير المصادر الأميركية إلى أن تفاصيل البرنامج النووي الإيراني «تلفها السرية»، وأن وكالة الطاقة الذرية النووية وعواصم القرار تشارك نفسها في إحاطة هذه التقارير بالسرية حتى لا يتحول أي تقرير أممي إلى مرجع للإيرانيين يشير إلى مكامن الخلل في برنامجهم.

ويقول مسؤول أميركي رفيع إن التقارير التي تتحدث عن البرنامج النووي الإيراني، وتقدم تقديرات عن مدى قربه أو بعده من صناعة سلاح، «قد تشير إلى خطوات لم تتخذها إيران بعد، ربما عن غير قصد طهران، وهو ما قد ينبّه الإيرانيين إلى الثغرات في برنامجهم النووي فيقوموا بسدّها».

لذلك، ما تزال التقديرات حول كمية قرب أو بعد الإيرانيين عن صناعة سلاح نووي محاطة بالسرية، لكن أجهزة الاستخبارات، مثل الإسرائيلية، لديها اطلاع على الموضوع، وهو ما يعني أن السياسة الإسرائيلية تتحرك وفق معطيات غير متاحة للعامة، بمن في ذلك كبار الديبلوماسيين في عواصم العالم، وهو ما يدفع كوهين إلى محاولة لقاء الرئيس جو بايدن شخصياً، لأن بايدن يتطلع على كل التقارير الاستخباراتية، بما فيها الأكثر سرية. وقالت المصادر الأميركية إن الديبلوماسيين الإسرائيليين يعكفون على محاولة تدبير لقاء بين كوهين وبايدن حتى يقوم المسؤول الإسرائيلي بإقناع الرئيس الأميركي بمخاطر عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران.

وكانت كل من الولايات المتحدة وإيران انخرطت في محادثات غير مباشرة، في العاصمة النمسوية فيينا، الأسبوع الماضي، حول إمكانية عودة كل منهما للاتفاق.

ووصف الديبلوماسيون المشاركون جولة المحادثات الأولى بالإيجابية، لكن كل الأطراف قامت بالتكتم على الجولة الثانية.

ويرى مراقبون أميركيون أن الجولة الثانية لم تأت على حجم الطموحات التي كانت معقودة عليها، في وقت يجري الأميركيون والإيرانيون، عبر قنوات ديبلوماسية أخرى، محادثات تهدف إلى «تبادل السجناء» بين البلدين، وهي عملية يعتقد الديبلوماسيون عادة أن من شأنها أن تساهم في عملية بناء الثقة بين الطرفين على طريق إحراز تقدم في المفاوضات بينهما.

لكن إسرائيل لا توافق على العملية الديبلوماسية التي تخوضها الإدارة الأميركية للعودة للاتفاق النووي مع إيران. ويرى الإسرائيليون، حسب المصادر الأميركية، أن إدارة الرئيس بايدن لا تأخذ بعين الاعتبار التغييرات التي طرأت منذ توقيع الاتفاق، إذ توافرت للاستخبارات الإسرائيلية والغربية المزيد من الدلائل التي تؤكد أن برنامج إيران النووي ليس سلمياً أبداً، بل هدفه هو صناعة أسلحة نووية، وهو ما يعتبره الإسرائيليون تهديداً وجودياً، وهو التهديد الذي دفع رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو للقول، في خطابه في ذكرى المحرقة اليهودية هولوكوست «الأسبوع الماضي»، إن الاتفاق النووي الدولي مع إيران لا يلزم إسرائيل، وأن الأخيرة ستقوم ما بوسعها لمنع الإيرانيين من حيازة السلاح النووي.

على أن جهات أميركية تعتبر أن المشكلة في الاتفاق النووي مع إيران لا تقتصر على التغييرات التي طرأت منذ توقيعه قبل 6 أعوام، بل أن الاتفاقية التي انسحبت منها كل من أميركا وإيران منذ منتصف 2018 كانت عرجاء منذ يوم توقيعها، إذ هي لم تتضمن بنوداً لتقييد برنامج إيران الصاروخي.

ويقول الخبراء الأميركيون إن هدف تقييد البرنامج الصاروخي الإيراني ليس ضبط قدرات إيران العسكرية، بل إن الصواريخ هي عادة في صلب أي برنامج نووي عسكري، إذ لا قيمة للرأس النووي من دون الآلية التي تسمح بنقله إلى الهدف. ومع أن تجارب إيران الصاروخية لم ترقَ حتى لتكون تهديداً داهماً، إلا أن الخبراء يعتقدون أنه يجب ضبط برنامج إيران الصاروخي بالطريقة ذاتها التي يعمل فيها العالم على ضبط عملية التخصيب، لأن الاثنين جزء من البرنامج النووي.

وفي هذا السياق، كتب الباحث في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» انتوني كوردسمان إنه «حتى الآن، لم يكن هناك أي نقاش حول المدى الذي وصلت إليه إيران في تصميم الأسلحة، ومدى قدرتها على استخدام سلاح فعّال وموثوق به دون إجراء اختبار نووي، وما هو المستوى الذي يمكن أن تصل إليه، والمدة التي سيستغرقها إنشاء مخزون كبير من اليورانيوم بما يكفي لاستخدامه للتسليح».

وأضاف كوردسمان أن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية حذّرت مرات عدة من أن إيران قد تباشر باختبارات غير انشطارية لتصميم أسلحة نووية، على خطى باكستان».

ومع ذلك، يقول كوردسمان، «كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية حريصة للغاية على عدم التلميح إلى الاختبارات حتى لا تتحول التقارير الدولية إلى كتاب طبخ تستخدمه إيران لتصويب برنامجها للأسلحة النووية».

وختم كوردسمان القول إن «المواد المتاحة حول برنامج إيران النووي قديمة وحذرة على حد سواء، ولا توافر أساساً موثوقاً لتقدير نوع التدقيق المطلوب لاكتشاف أي جهود إيرانية لتصميم السلاح النووي».

إيران تتوعد إسرائيل بـ«الانتقام»

وسط الجهود الديبلوماسية الحالية لإحياء الاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى الغربية، وجّهت إيران أصابع الاتهام إلى إسرائيل بالوقوف خلف الهجوم الذي استهدف مصنعاً لتخصيب اليورانيوم في ناتانز بعدما تم «تحديد هوية من تسبب في الحادث»، متوعدة بـ«الانتقام» لهجوم يبدو أنه أحدث فصول حرب تدور في الخفاء منذ وقت طويل، في وقت أبدى الاتحاد الأوروبي رفضه لـ«أي محاولات لتقويض أو إضعاف الجهود الديبلوماسية» في شأن برنامج إيران النووي.

ووقع «انفجار صغير» في مصنع ناتانز لتخصيب اليورانيوم، على ما أعلن الناطق باسم «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي»، أمس.

بدوره، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، إن «من المبكر جداً (تحديد) الأضرار المادية التي تسبب بها الهجوم».

واتّهم بشكل غير مباشر إسرائيل بتقويض المحادثات الجارية في فيينا.

وأفاد بأنه «إذا كان (الهجوم) يهدف إلى الحدّ من القدرة النووية لإيران، فأقول في المقابل إن كافة أجهزة الطرد المركزي (التي تضررت) هي من نوع آي ار-1» أي من الجيل الأول.

وأضاف «فليعرف الجميع أنها بالتأكيد ستُستبدل بآلات أكثر تقدماً»، مؤكداً أن «ردّ إيران سيكون الانتقام من الكيان الصهيوني في الوقت والمكان المناسبين».

وذكرت «وكالة الأنباء الإيرانية» الرسمية (إرنا)، أن نواباً أفادوا أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف «شدّد (...) على ضرورة عدم الوقوع في الفخّ الذي نصبه الصهاينة».

وأفاد موقع «نور نيوز» الإيراني شبه الرسمي بأنه تم تحديد هوية الشخص الذي تسبب في انقطاع الكهرباء بواحد من عنابر الإنتاج في المنشأة المبنية تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم، فيما أعلن رئيس «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية»، علي أكبر صالحي، عن تشغيل نظام للكهرباء في حالات الطوارئ بمنشأة ناتانز للتغلب على الانقطاع، مضيفاً أن «تخصيب اليورانيوم لم يتوقف في الموقع، وهو ماضٍ إلى الأمام بقوة، لأن إجراءاتنا لن تقتصر على إصلاح الأضرار بل تطوير الأجهزة المتضررة».

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين في أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية والأميركية أن «إسرائيل لعبت دوراً في ما حصل في ناتانز حيث وقع انفجار قوي وقد يكون دمر بالكامل نظام الكهرباء الداخلي الذي يغذي أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض».

وفي بروكسيل، حذّر الاتحاد الأوروبي من أي محاولات لإخراج المحادثات الهادفة إلى إعادة واشنطن إلى الاتفاق النووي، عن مسارها بعدما اتّهمت طهران إسرائيل بمهاجمة ناتانز.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي