No Script

من الخميس إلى الخميس

إنها لا تعمى الأبصار!

تصغير
تكبير

يروي أخي الكبير محمد، حفظه الله - والذي تطوّع منذ زمن طويل لمساعدة الفقراء في بنغلاديش - هذه القصة التي شاهدها بنفسه، يقول: انتهيت من حفر بئر وتوجّهت لحفر البئر التالية وكان يبعد نحو ربع ساعة مشياً على الأقدام وفي طريقي شاهدت عشّة صغيرة ليس لها باب، سقط نظري على ما في داخلها، فرأيت عجوزاً ممددة على حصير ولا يبدو أن أحداً يكترث بها أو يتابع حالتها، سألت عنها فأجابوني إنها وحيدة وليس لها أحد يرعاها، فعائلتها البعض توفاه الله والبعض الآخر لا يعلمون عنه شيئاً.

يضيف أخي: قرّرتُ أن أقدّم لها المساعدة عند عودتي بعد حفر البئر وشغلني التفكير في حالها طوال الطريق، وفي عودتي حاولت أن أكون منفرداً عند عشّة تلك العجوز، لأقدم لها بعضاً من المال من دون أن يراني أحد، نظرت إلى داخل العشّة فأبصرت حالة أيقنت منها أن العجوز يرعاها خالق الناس لسبب يعلمه الله سبحانه، أبصرتُ معزة تدلّي ثديها في فم العجوز لتطعمها من حليبها، لم يخبرني أحد عن تلك العجوز شيئاً إلا أنه كان لها ولد توفّاه الله وهو رضيع، هذا كل ما يعرفونه عنها، ولكنّي أدركت أمراً لم يدركوه، فلعّل هذه العجوز بعد فقد ولدها أرضعت يتيماً لم يجد من يطعمه، لقد سخّر الله لها حيواناً يمدّها بغذائها بعد أن انصرف عنها الناس، كما سخّر الله سبحانه لها أيضاً بشراً يأتون من آخر الدنيا ليتفقدوا حالها وكي يقفوا لمساعدتها، وهي المرأة التي انقطعت عن الدنيا وانقطعت عنها الدنيا.

إنني أستغرب أحياناً حين أرى بشراً لا تستوقفهم مواعظ الدنيا ودلالات خالقها، أستغرب حين أرى بشراً يؤمنون بأن الدنيا بما فيها وما حولها خُلقت عبثاً وأنهم إلى ربهم لا يرجعون.

ما أعظم قول خالقنا: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي