No Script

رأي قلمي

تلاوم وتقاذف...!

تصغير
تكبير

إن الطفل يحاول أن يقنعك ببراءته من عمل غير مقبول ولا يُعرف فاعله، والعقل لا يُثبت قدرته وكفاءته على العمل في مجال كما يثبتها في التعليل والتبرير لأفعالنا ومواقفنا.

إن الهدف من وراء التفكير التبريري يتمثّل في التهرّب من المسؤولية عن التقصير في أداء واجب، أو في التهرّب من المسؤولية عن عمل ما لا ينبغي القيام به، نحن جميعاً نحسن فن التبرير ونولّد فيه أنماطاً وأفكاراً جديدة، لطالما كنا معرّضين للوقوع في تهرّب أو تقصير من المسؤولية، ويزيد التبرير ويكون ظاهراً وواضحاً حين يكون الأفراد أو الجماعات أو الشعوب في أزمة شديدة أو في حالة بائسة، يبدأون بالتلاوم وتقاذف المسؤولية، ويكثر معه التنصّل من تلك المسؤولية عن طريق التبرير، والتخّلف بكل أشكاله يعدّ أفضل وسط لنمو بكتيريا التبرير.

إن التفكير التبريري ينطوي على نوع من الإحساس بالضعف، وهذا شيء طبيعي ما دمنا غالباً لا نلجأ إلى التبرير إلا عند وجود مشكلة. الناجحون والأقوياء لا يبرّرون ولكن يشرحون أسباب نجاحهم، ويشيعون في الجوّ العام روح الاعتزاز والتفاؤل، كما أن إدمان التبرير يشعر الإنسان بالدونية واحتقار الذات.

كثير من الرؤساء والمسؤولين يبرّرون تفوّق المجتمعات الأخرى على بلدانهم وشعوبها، بدعم خارجي يأتيهم من الآخر، ويبرّرون تخلّفهم العلمي والتقني والاقتصادي والاجتماعي في البلاد بنقص الكوادر الأكاديمية، وغلاء المواد الخام، وندرة الأيدي العاملة المتخصصة، لا ريب أن شيئاً من هذه التفسيرات صحيح، لكن من شأن مدمني التفكير التبريري إهمال الدور الشخصي للرؤساء والمسؤولين في كل ذلك، فهم حتى لا يتحملوا أي مسؤولية، لا يذكرون القصور الذاتي لهم على مستوى الفكر والاعتقاد، وعلى مستوى السلوك والعمل.

من أراد الإصلاح والتخلّص من التفكير التبريري، لابد من التركيز على الشروط والمؤثرات الداخلية والخارجية، والعمل على تقليل تأثير كل ما هو خارجي ويظل تأثيره محدوداً، ونعطي الأهمية الكبرى للمؤثرات الداخلية لتحلّ محلّ التأثيرات الخارجية، كما قال الله تعالى: «أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».

M.alwohaib@gmail.com ‏@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي