No Script

خواطر صعلوك

تعليقاً على خطاب سمو الرئيس

تصغير
تكبير

ما الذي يعنيه أن تكون أباً؟

أن تقدم دون أن تنتظر العطاء... أن تكون السند والطريق والمنحنى والاستراحة والمظلة، أن تكون السحابة والغيمة والمطر والشجرة، أن تكون الإنصات والتفهّم والاحتواء والمنارة، أن تكون الكاتب والمستشار، أن تكون عبدالله الداعي لطريقه والهادي لسنة نبيه.

أن تكون أباً يعني أن تكون السفينة، وتترك لهم دور النوخذة والسيب والنهام، أن تكون أباً يعني أن تكون الباب والبساط والسكن والجدران والدار والدور، وتترك لهم المساحة ليعيدوا تشكيلها.

أن تكون الستر والمستور، الصديق والطريق، والابتسامة حتى لو كنت باكياً، أن تكون أباً يعني أنك تعلم أن كل ما تقدمه لا شيء، فالله هو المربي لك ولهم.

تَنظر النظرية البنيوية إلى الأبوة على أنها دور اجتماعي مارسه الشخص تجاه أبنائه، وتعتبر الأسرة نواة المجتمع التي يجب أن تمارس دور تهيئة الأبناء للاندماج في المجتمع ومراعاة العادات والتقاليد ودخول سوق العمل، وتعتبر مؤسسات الدولة مسؤولة عن توفير الخدمات والفرص والدعم للقيام بهذا الدور، وهكذا يعبّر الدستور الكويتي أيضاً عبر بابيه الثاني والثالث.

وفي ظل وجود نسب عالية من الطلاق بين الأسر الكويتية، ونسب أعلى لعيادات التجميل وثقافة «السوشيال ميديا»، يضيع السؤال حول دور «الأبوة» والأمومة، التي يمكن أن تمارس بعيداً عن أروقة المحاكم والقوانين.

حسناً ما الذي يحدث وفق النظرية البنيوية؟

أكد سمو رئيس مجلس الوزراء أن لدى الكويت خللاً في التعليم، وأن الفقر التعليمي بلغت نسبته 51 في المئة، والفجوة التعليمية مقدارها خمس سنوات، بمعنى أن الطالب الذي ينهي الثانوية يبدو وكأنه في المرحلة المتوسطة! وأشار سمو رئيس مجلس الوزراء - أثناء حديثه مع رؤساء تحرير الصحف الكويتية - أنه في سنة واحدة هناك 44 بلاغاً من «نزاهة» للنيابة، و122 قضية اعتداء على المال العام، و282 اتجار بالإقامات والبشر و«بلاوي» أخرى!

عزيزي القارئ يشير الدستور الكويتي، عبر أبوابه الخمسة ومواده

الـ 183 إلى أن بناء الدولة كإطار عمل له أدوار ومسؤوليات، يتكون من أنظمة فرعية (السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأُسَري)، كل منها يؤدي وظائف مختلفة، لكن مترابطة، كجسم الإنسان لكل عضو فيه وظيفته.

كل وظيفة بمخرجاتها ونتائجها، هي تلبية لاحتياج ومتطلب لنظام فرعي آخر، فالنظام الاقتصادي يحلّ مشكلة البقاء بالنسبة للمجتمع، عبر أشكال العمل الاقتصادي للأفراد والمجموعات، وكسب المال ليشتروا احتياجاتهم المعيشية، في المقابل - وبشكل متكامل ومترابط مع الأسرة بتربيتها لأفرادها - يستطيعون العمل مع مجموعات وأفراد مختلفين، كذلك الأنظمة الثقافية تعمل على الأنماط السلوكية المشتركة والمستمرة عبر الزمن، كل نظام فرعي له احتياجاته ومتطلباته التشغيلية.

أهمية البناء الاجتماعي تتطلّب فهماً لطبيعة العلاقات بين الأنظمة الفرعية، ونجاح المجتمع محصلة نجاح أجزائه في أداء وظيفتها في نجاح كل عضو في القيام بوظيفته ودوره.

ينظر الدستور الكويتي على أنه لا يمكن أن تقوم المؤسسات الاجتماعية بدورها ووظائفها، إلا إذا شعر الأفراد أنهم جزء من مجتمع مشترك وأكبر يجمعهم، القواعد السلوكية (العادات) والقيم الناظمة للأدوار والسلوك هي أساس استقراره، مع مراعاة أن تغليب المصلحة العامة على المصلحة الفردية هو أحد مرتكزات الدستور الكويتي «مادة 8» و«مادة 9» و«مادة 16» و«مادة 18» و«مادة 20» و«مادة 35» «ومادة 49».

إن الأبوة والأمومة ليست أدواراً بنيوية ولا حقوقاً دستورية فقط، بقدر ما هي أدوار وجودية ملازمة للشخص طوال رحلته وترحاله.

ربما تعتقد عزيزي القارئ أن هذا المقال مترامي الأطراف، ما بين الدولة والمنزل، وما بين الزواج والطلاق، والأبوة والأمومة، والتعليم والاقتصاد، والدستور والنظريات، ولكنه في الواقع نقطة... فتأمل رعاك الله.

فكرة أن «الحصان» يسير على أربع قوائم هي الفكرة الأصيلة، حتى ولو كانت كل الجياد الموجودة في العالم عرجاء، ستبقى الفكرة الأصيلة هي الثابتة والدائمة، حتى لو طغى المتغيّر فلن يكون هو الثابت.

سيبقى الثابت ثابتاً، والمتغير متغيراً، وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر

قصة قصيرة:

في المعهد الأدبي سُئل أحدهم في الامتحان: ما الفرق بين الواقعية والرومنطقية؟

ويبدو أنه لم يكن قد قرأ كتاباً في هذا الموضوع، وكان عليه أن يجيب... فكّر قليلاً ثم أجاب أستاذه:

- الواقعية حين ندعو الكلب كلباً، والرومنطقية هي أن ندعو الديك نسراً.

Moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي