No Script

رؤية ورأي

حدّكم عند أولويات الشعب

تصغير
تكبير

«طبعاً هذا الحيوان له تاريخ، وبالتالي تاريخه معروف، خصوصاً لمّا كنت ضابط مباحث... وأنا أقول ما بقي سطح بالعمرية ما ركبه، وإذا تبون تودّونه الطبيب الشرعي لازم تفحصون عليه فحصين، وخل يفهمون الرّبع...»، هذه مقتطفات من مداخلة أحد نوّاب الغالبية في المجلس المبطل الأول (تكتّل المعارضة)، ضد نائب مشاكس أتعب وأثقل على رئيس ذلك المجلس أحمد السعدون إدارة الجلسات. وقبل توضيح المغزى من إدراجها في المقال، لا بد من تسجيل اعتذاري لعرضها، وإن كان العرض من منطلق أن الضرورات تُبيح المحظورات.

مضابط مجلس الأمة تحتضن عدداً من حوادث شتم وسب وقذف وبصق وضرب... وركل نوّاب أثناء تواجدهم في قاعة عبدالله السالم، سواء كان المعتدي أحد النوّاب أو شخصاً من بين الحضور. ومن بين تلك الحوادث، التجريح أعلاه الذي وجّهه أحد نوّاب المعارضة - في جلسة 10 مايو 2012 – مصحوباً بضحك عدد من زملائه في تكتّل المعارضة، وتحت رعاية رئيس المجلس السعدون المنتمي أيضاً إلى المعارضة، الذي امتنع عن تطبيق المادة (88) من اللائحة الداخلية بحق النائب المسيء، بل انه مدّد للمسيء دقيقة إضافية ليستكمل تهجّمه على النائب المشاكس.

هناك ملاحظتان في غاية الأهمية بشأن حادثة الإساءة. الأولى هي أن إعلام المعارضة مخادع، فلا سيرة السعدون في ترؤس الجلسات بالنقاوة والمثالية التي يدّعيها، ولا معظم نوّاب المعارضة بالنبل والمروءة التي يُظهرهم بها. والملاحظة الثانية هي أن علاقة تكتّل المعارضة باللائحة الداخلية للمجلس منفعية ليست مبدئية، حيث إنه اخترقها لمواجهة نائب مشاكس – واحد – رغم امتلاكه غالبية برلمانية مريحة ومكتب المجلس.

خلال السنوات الأخيرة، نجحت ماكينة المعارضة الإعلامية في إضعاف شعبية النوّاب الذين تصدّوا لأجندتها السياسية في المجلس السابق، وفي المقابل عزّزت شعبية نوّابها السابقين ومرشّحيها في انتخابات 2020. لذلك نتائج الانتخابات الأخيرة تضمنت إعلانين، الأول أن تكتّل المعارضة عاد كغالبية برلمانية قادرة على سحب الثقة من الوزراء أو إقرار عدم التعاون مع الحكومة (25 صوتاً على الأقل)، والإعلان الآخر الأهم هو أن ماكينة المعارضة الإعلامية تحوّلت من منظومة إعلامية إلى أداة إرهاب وابتزاز سياسي.

لذلك حرص تكتّل المعارضة على أن يتم انتخاب رئيس المجلس بالتصويت العلني، ثم حرص على تبني آلية داخلية - تصوير ورقة الانتخاب مع الباركود - لرفع السرية عن تصويت النوّاب الذين شاركوا في الاجتماعات التنسيقية للمعارضة.

وبعد أن فشل تكتّل المعارضة في استعادة كرسي رئاسة المجلس، تبنى مسارين متوازيين مكملين لأداة الإرهاب الإعلامي: الأول توجيه ضربات تحت الحزام إلى الرئيس، والثاني تجميد صلاحيات رئيس الجلسة من خلال الإصرار على مخالفة رأيه ومن ثم المطالبة بالاحتكام إلى المجلس للفصل في الاختلاف بالتصويت العلني.

هذان المساران كانا واضحين في الجلسة الأخيرة التي عقدت في يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي. حيث نجح تكتّل المعارضة في توظيف أحداث شغب الجمهور بالجلسة الافتتاحية، للحصول على رفض المجلس التصديق على مضبطة الجلسة الافتتاحية، من دون أن تتم الإشارة إلى أي خطأ في متن ونصوص المضبطة. كما أنه أثناء مناقشة طلبين متعلّقين بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية بأحداث الجلسة الافتتاحية وإحالة المتطاولين على النوّاب إلى النيابة، حرص معظم نوّاب التكتّل على أن تكون مداخلاتهم إعلاميّة موجّهة إلى الجماهير، عوضاً عن تلبية دعوات رئيس الجلسة المتكررة بتأسيس الطلبين قانونياً، والرد على الإشكاليات القانونية في الطلبين التي طرحها النائبان الدكتوران المحاميان هشام الصالح وخالد العنزي.

بعيداً عن التصريحات والنشرات الإعلامية والأسئلة والاقتراحات البرلمانية، أنشطة نوّاب المعارضة في قاعة عبدالله السالم، منذ الجلسة الافتتاحية إلى اليوم، مقتصرة على استهداف رئيس المجلس، باسم الشعب وعلى حساب أولوياته... «اللهمّ أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي