No Script

البنوك تدرس اللجوء إلى التحكيم بدل القضاء لحل منازعات القروض

تحركات مصرفية لفض النزاعات مع العملاء خارج القضاء
تحركات مصرفية لفض النزاعات مع العملاء خارج القضاء
تصغير
تكبير

- التمويلات المجمعة تزيد وجاهة التحكيم خصوصاً لدى إفلاس الشركات
- التحكيم الاختياري يشترط اتفاق الطرفين المسبق على استبعاد طريق القضاء

قالت مصادر مطلعة لـ«الراي» إن هناك مناقشات مصرفية مفتوحة حول إمكانية تحديد سريان شرط التحكيم في عقود القروض، واستخدامه كأسلوب إجرائي لفض المنازعات التمويلية بشكل خاص، لما يتميز به التحكيم من بساطة في إجراءاته وقصر مدته.

وفي هذا الخصوص، أفادت المصادر بأن التحكيم المستهدف هو الإلزامي، والذي يقضي باتفاق البنك وعميله في عقد التمويل بينهما على إحالة أي نزاع يحصل بينهما مستقبلاً على التحكيم بدلاً من القضاء النظامي، ما يرتكز على اتفاق الطرفين المسبق على خيار اللجوء إلى التحكيم، واستبعاد طريق القضاء، مشيرة إلى أن البنوك ستدفع أولاً باتجاه التحكيم الإجباري، لكنها ستقبل أيضاً بالتحكيم الاختياري إذا لم يتم اعتماد الأول.

حسم المنازعات

وأوضحت مصادر قانونية أن البنوك تبحث عن وسائل بديلة لحسم المنازعات المتعلقة بالمعاملات المصرفية، والتي قد تنشأ في ما بين المصارف وعملائها، وتحديداً الشركات، أو في ما بين البنوك وبعضها في شأن تنفيذ إحدى العمليات المصرفية المشتركة.

وبينت أن ما يغذي هذه النزعة الإجرائية تزايد وتيرة التمويلات المجمعة التي يشارك فيها أكثر من جهة تمويلية، حيث يحتمل أن تختلف الأطراف المشاركة في التمويل لاحقاً على قراءة بنود العقد المبرم بينها من الناحية القانونية، ما يدفع إلى اللجوء للقضاء، ووقتها يُفتح العداد الزمني للسير قضائياً لوقت غير محدد في دول خارجية.

علاوة على ذلك، فإن سريان شرط التحكيم يحفظ حقوق البنوك، خصوصاً في حالات الإفلاس، التي يحتاج التعامل معها قضائياً لإجراءات مختلفة، قد ينتهزها المدين لتصفية مراكزه المالية بطريقة أو بأخرى، بخلاف التحكيم الذي يقلل الدورة الزمنية المطلوبة لحسم الخلاف.

تقطيع الوقت

ولفتت المصادر إلى أنه لتفادي الإجراءات القضائية الطويلة والمعقدة، سواء المحلية أو الخارجية، وما يترتب عليها من تقطيع للوقت، لا سيما في ظل عدم وجود محاكم متخصصة في حل النزاعات التي تنشأ بين البنوك وعملائها المقترضين، تتنامى مصرفياً أهمية تضمين عقودها التمويلية لبنود تضمن اللجوء إلى محكّم تجاري يفصل في أي نزاع تمويلي يبرز مستقبلاً بين العميل وبنكه، على أن يكون قرار هذا المحكّم ملزماً للطرفين.

وبينت، أن التصور محل النقاش يقضي بأن تتم إضافة بند إلى عقود التمويل، يحدد فيه أنه في حال الخلاف على أي بند في العقد مستقبلاً تتم الاستعانة بمحكّم تجاري يفصل في هذا الخلاف، منوهة إلى أن التصور يتضمن أيضاً مقترحات بأن يتم في هذه الأثناء تحديد اسم المحكّم، سواء كان شخصاً أو جهة.

وأشارت إلى أنه في حال التوافق على هذه الصيغة، وسريان شرط التحكيم في عقود القروض لا يفترض أن تحال مستقبلاً أي نزاعات تمويلية بين البنوك وعملائها إلى المحاكم التجارية، ما لم يكن منصوصاً على ذلك ضمن العقد، موضحة أنه في الغالب سيكون تقرير المحكّم بمثابة الحكم القضائي الذي يتعين على الطرفين اتباعه، على أن يكون هناك تجانس بين العقود التمويلية وتوافق على هذا البند بين الطرفين، فلا محل للحديث عن امتداد شرط التحكيم، إلا إذا ثبت علم الأطراف بهذا الشرط.

خصوصية فنية

أما عن وجاهة هذا البند بالنسبة للبنوك، ذكرت المصادر أنه وبعد تنامي حجم التعاملات المصرفية، وارتفاع قاعدة عملائها، سواء من الشركات أو الأفراد، زادت بطبيعة الحال النزاعات المالية بينهم، ما يستدعي استحداث بدائل لمعالجة هذه النزاعات في أقل وقت ممكن وبسرية، وبما يحفظ حقوق جميع الأطراف، وهذا ما يوفره التحكيم.

وتابعت «كما أن نموذج التحكيم في المعاملات المصرفية يستقيم مع الأزمات، وإفرازاتها من مشاكل خلافية تنشأ مع العملاء، وتحديداً في حالات التعثر الاضطراري»، مفيدة بأن تداعيات فيروس كورونا، وما تضمنته من مسائل خلافية زادت من أهمية اللجوء لسريان شرط التحكيم.

وبينت أن التحكيم بات نموذجاً معمولاً به في العديد من العقود، سواء الاستثمارية أو حتى الإنشائية، ما يجعل إضافتها للعقود التمويلية محاكاة للتطور الحاصل في عقود القطاعات الأخرى مع عملائها، خصوصاً أن المنازعات المصرفية تحتاج خصوصية فنية ونوعاً من السرية، وهذا ما يوفره التحكيم.

إلى ذلك، من غير المحسوم حتى الآن ما إذا كان هناك اتفاق على أن ينسحب هذا البند على جميع العقود التي تنشأ بين البنك وعملائه، وفي مقدمتها خطابات الضمانات التي تمنحها البنوك، وفي هذا الخصوص لفتت المصادر إلى أن النقاش المفتوح في ذلك لا يزال في مراحل أولية، وهناك تفاصيل قانونية ستحدد العقود التي يمكن سريان شرط التحكيم عليها.

المحاكم المختصة واستقطاب المستثمرين الأجانب

يعيد النقاش حول إضافة شرط التحكيم لعقود التمويل، الضوء على البحث المصرفي الأصلي، والذي يتعلق بإنشاء محاكم متخصصة في حل المنزاعات المصرفية، سواء في ما بين العملاء والبنوك، أو في ما بين البنوك وبعضها.

وفي هذا الخصوص، أكدت مصادر قانونية على أهمية أن تكون هناك محاكم متخصصة تنظر في المعاملات المصرفية، منوهة إلى أن هذا التطور ينسجم مع التوجه العام للدولة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، سواء المباشرة أو غير المباشرة.

وقالت «أحد أبرز الاشكاليات التي تهم المستثمر الأجنبي أو المحلي عموماً سهولة الإجراءات القضائية في حال اضطر للخلاف مستقبلاً مع أي جهة ذات صلة»، موضحة أنه كلما كانت الإجراءات القضائية مختصرة ولدى جهات مختصة زادت شهية الأجانب والمستثمرين المحليين لزيادة استثماراتهم.

التحكيم المصرفي قاعدة ليست إشاعة

إذا كان سريان شروط التحكيم غير متاح في المعاملات المصرفية المحلية، فإن شروطه لا تعد القاعدة الإشاعة في المعاملات المصرفية الدولية، باستثناء عقود تمويل القطاع العام الدولي، وعقود تمويل المشروعات الدولية الذي تشترك فيه العديد من المؤسسات المالية لتقديم القروض.

ويوضع شرط التحكيم في الاتفاقيات الخاصة بهذه القروض، وفقاً لقواعد التحكيم الخاص، مع تبني قواعد الأمم المتحدة، أو شروط محكمة لندن للتحكيم الدولي.

وغالباً ما تقبل الدول بشرط التحكيم في الاتفاقيات المصرفية لتمويل المشروعات الدولية، تجنباً لخضوعها للسيادة القضائية لدولة أجنبية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي