No Script

سافر إلى ذاتك

وداعاً لسنة البصيرة

تصغير
تكبير

2020 لم تكن بداية عشرينية فحسب، بل كانت بداية مجهرية لحقيقة نفسية تخص كل فرد من الداخل، وتخص كل فرد في مجتمعه القريب، وتخص كل فرد مع مجتمع وأفراد لا يعرف عنهم في العالم، للمرة الأولى تكون مسؤولية الفرد عامة وخاصة في الوقت نفسه وبتعريف مغاير لما اعتدنا عليه، ففي معارفنا ودائرتها المعرفية كنا مسؤولين عن أنفسنا ومجتمعاتنا ومن نعرف، أما 2020 جعلتنا مسؤولين حتى عن مجتمعات لم نعرفها ولم نزرها ولم نتعرف عليها.

كل فرد في الكرة الأرضية عليه مسؤولية البقية وحمايتها تقع على عاتقه، وتبدأ من مسؤوليته مع نفسه من تحقيق التباعد وأخذ الاحتياطات. والعزل في حال الضرورة، فعدم مبالاة رجل في قارة حبس رجلاً في قارة أخرى أياماً وأسابيع في بيته، وعطّل أعمال رجل آخر في قارة أخرى، لذلك لو أطلق على 2020 اسماً لكانت سنة البصيرة، كشفت لنا كل جوانب ضعفنا، وعرفنا نقاط القصور في حياتنا، تعرفنا على أنفسنا، مقتنياتنا، حتى أقاربنا والمقربين منا تعرفنا عليهم من جديد وعن قرب، رجعت جميع الأمور لترتيبها الفعلي، أنت أولاً ثم مكانك يجب أن يكون مريحاً وصالحاً لراحتك النفسية، وعلاقتك مع نفسك والاستثمار الذاتي مع الذات، ثم علاقتك مع الناس وأهلك والمقربين منك.

2020 كشفت لنا ما نحب وما لا نحب، ما نرغب وما لا نرغب، ما نود وما هي حقيقتنا، قدمت لنا أنفسنا مكشوفة، معزولة من كل الملهيات ومناطق الهروب في الحياة.

سنة لا هروب منها من الذات أو الحياة أو الأسرة، سنة لا ملهيات فيها سوى قدرة الفرد على صنع جوّه الخاص ومتعته الخاصة، سنة لا قوة ولا عزم فيها سوى قوتك الداخلية والنفسية، سنة علمتنا أن الأزمات حتمية في الحياة والناجح من يتخطى الأزمة لا من يخفق فيها، سنة علمتنا أن كل شيء يتغير بيوم ولحظة، سنة علمتنا أن العلاقات لا تحتاج تواجداً بل تحتاج وجوداً، سنة علمتنا أن العالم يدار في البيت وكل عمل تتقنه وأنت بمكانك، سنة علمتنا أن الإنسانية مشاعر جمعية ومشتركة بين الجميع، سنة علمتنا أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع، سنة علمتنا الكثير.

لذلك اكتب اليوم ماذا تعلمت من 2020 لأنك إن لم تتعلم بها فلن تتعلم بسهولة بعدها، فهي ثرية بالخبرات، مفعمة بالتناقضات، مليئة بالوضوح، وصادقة مع الذات.

شكراً 2020 علمتنا الكثير.

‏Twitter &instgram :@drnadiaalkhaldi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي