علاقتي بالمحامي خالد الشطّي بدأت عبر ندوة أدرتها في عام 2002 في ديوان العائلة بالسالمية، كان عنوانها «نبذ الطائفية».
حيث طرح الشطّي رؤيته لمجتمع كويتي تعدّدي محصّن من الطائفية، متفرّغ للإصلاح والتنمية.
كما استعرض المنهجية التي يتبناها للإصلاح الشامل المتضمّن اجتثاث التمييز الفئوي من ثقافة المجتمع وممارسات الحكومة وتشريعات المجلس.
وعندما أعلن ترشحه لانتخابات المجلس في عام 2006، تعرّض لحملة تشويه ظالمة، حيث اقتطعوا وحرّفوا بعض تصريحاته، وألصقوا به وصمة الطائفية، وهو يحمل قضية محاربتها.
ولكنه استطاع بأدائه الوطني المتميّز في المجلس المبطل الثاني، ومن بعده في المجلس الحالي، أن يكشف زيف تلك التهمة فأسقطها.
من بين مواقف الشطي التي تستحق الإشادة، ما ذكره في لقاء تلفزيوني، في سياق ردّه على سؤال من محاوره عبدالله بوفتين، حيث صرّح أنه بصفته رئيساً للّجنة التشريعية، قرر عدم استكمال إجراءات تحويل اقتراحين بقانونين إلى المجلس، لأنهما تضمنا شرار فتنة طائفية تحت الرماد.
حيث كان ظاهرهما وطنياً وإنسانياً، ولكن باطنهما التضييق على حرّية كفلها الدستور في المادة (35) التي تنص على أن «تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية».
عندما وصلني مقطع الفيديو الخاص بهذا الموقف الوطني، نشرته عبر حسابي في «تويتر»، لأنني وجدت فيه تجسيداً للمنهجية الإصلاحية، التي أعلنها الشطي في الندوة التي عقدت في ديواننا قبل قرابة 18 سنة.
هذا المقطع الجميل أزعج كثيرين، في مقدمهم المجموعة التي اعتادت على التكسّب الانتخابي عبر شعارات جوفاء ضد الطائفية.
فغرّد أحد المنزعجين، معقّباً على المقطع، أن آخر أولوياته بصفته ناخباً شيعياً هي الدفاع عن رفع أعلام سوداء والطباخ في الحسينيات، لأن هناك أموراً أولى منهما، من قبيل وقف التطاول على المال العام والتصدي للفاسدين ومنح البدون حقوقهم، وتطوير جودة التعليم.
رغم أنني أتفق معه في شأن أهمية الأولويات التي ذكرها، إلا أنني لم أجد مبرراً مقبولاً لوضعها في كفة مقابلة لكفة الدفاع عن الحريات الدينية، خصوصاً أن صياغتها جاءت بصورة مضللة في اتجاهين.
الأول تسقيط إنجازات الشطي القياسية وتحجيمها في إطار طائفي.
والثاني تبرير عجز أحد المرشحين في ملفات قمع الحريات والتمييز الطائفي، على مدى سنوات عضويته في المجلس ونشاطه السياسي خارجه، بحجة أن هذا النائب السابق كان - وما زال - منشغلاً بالأولويات غير الطائفية.
لماذا لا نتعلم من الشعوب المتحضرة والدول المتقدمة كيف نجمع بين الحكم الرشيد وبين رعاية الحريات الدينية.
فتلك الدول المتطورة تسمح منذ سنين طويلة للمواكب الحسينية بالمرور بأعلامها السوداء عبر شوارعها، كما أنها تجيز للمطابخ إعداد وجبات البركة.
ولم نسمع يوماً أن عجلة التنمية في إحدى تلك الدول قد تعرقلت، بسبب الأعلام السوداء ولا أنّ سرّاق المال العام هربوا منها عبر مطابخ الحسينيات.
الشطي الذي صدّ عدداً من مشاريع النوّاب الاقصائيين، له في الشؤون الأخرى الكثير من المواقف والإنجازات، من بينها ما هو مرتبط بالأولويات التي ذكرها الأكاديمي.
فعلى سبيل المثال، نجح الشطّي بعد جهود مضنية في إحالة أحد النوّاب الحاليين إلى النيابة على خلفية شبهة تطاول على المال العام.
كما أن له تصريحات ومطالبات موثّقة بإعطاء «البدون» حقوقهم وتجنيس المستحقين منهم.
وكذلك وظّف مراراً العديد من أدواته الدستورية لصالح تعزيز جودة التعليم على المستويين العام والعالي، بمعدل فاق معدل النائب السابق.
باختصار، إحصائيات المجلس تشير إلى أن الشطي حائز المركز الأول من حيث عدد القوانين التي أقرّت ونشرت في الجريدة الرسمية.
المجتمع يتوقع منا نحن الأكاديميين أن نوظّف المنهجيات العلمية التي نمارسها في بحوثنا العلمية، لصالح تعزيز نزاهة الانتخابات من خلال كشف وعرض الحقائق بموضوعية، لا أن نستبدلها بمنهجيات انتخابية من أجل تغييب وتزييف الحقائق... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».
abdnakhi@yahoo.com