علي محمد الفيروز / إطلالة / زيارة أوباما إلى السعودية

تصغير
تكبير
عندما بدأ الرئيس الأميركي باراك أوباما جولته العربية والإسلامية من السعودية، اتجهت انظار العالم كله لسماع ما سيقول الرئيس أوباما بحق السعودية الشقيقة، وما سيطرح من قضايا حساسة تشغل العالم بأسره، ترى لماذا اختار الرئيس الأميركي اوباما السعودية في جولته الإسلامية؟ الجميع يعلم ان الشقيقة السعودية لها ثقل كبير في الشرق الأوسط، وبالأخص بين دول الخليج العربي، كما أنها تمثل مهدا للإسلام «بلد الحرمين الشريفين»، فالسعودية دولة عربية إسلامية تحترمها سائر البلدان منذ نشأتها، لذا لم يتردد الرئيس أوباما في اختيار السعودية لطلب مشورة العاهل السعودي الحكيم قبل القاء خطابه إلى العالم العربي والاسلامي، وعندما التقى الرئيس اوباما الملك عبدالله بن عبدالعزيز اشاد بحكمته، وبجرأته، وبتواضعه، وبقدرته على حل المشكلات المستعصية، هذا وقد سبق للرئيس اوباما اجراء محادثات عدة مع جلالته قبل زيارته الاولى للسعودية، وفي هذه الزيارة التاريخية تأثر الرئيس اوباما بحكمة وكرم العاهل السعودي، وتميزه بالاخلاق العربية الاصيلة كعادته، والتي أدت إلى تعزيز الصداقة والروابط التاريخية بين الولايات المتحدة والمملكة التي نشأت منذ القدم، وقد عبر اوباما عن ثقته بانه عبر العمل معا تستطيع الولايات المتحدة والسعودية تحقيق تقدم في جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك، خصوصا في ما يتعلق بايران وفلسطين وإسرائيل وموقفها مع القدس الشريف، وفي هذه الزيارة ارادت المملكة من ادارة اوباما التشدد مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يرفض اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وتعارض بشدة الدعوات الاميركية التي تطالب بوقف الاستيطان الاسرائيلي، كما ان الوضع الايراني ومفاتحات اوباما الديبلوماسية تجاهها قد تؤثر على العلاقات الاقليمية على حساب الرياض، وهذا ما يثير قلقها في المنطقة، اما في الشأن الاسرائيلي، فنحن نختلف تماما مع الرئيس أوباما في رغبته بأن تبدي الدول العربية بعض اجراءات بناء الثقة تجاه اسرائيل، فالدول العربية والاسلامية لا يمكن ان تبحث يوما في بعض اجراءات بناء الثقة كونها عرفت التعنت الاسرائيلي والتوسع في اطماعها ببناء الجدار والاستيطان داخل الاراضي الفلسطينية دون وجه حق، ما جعل الشعب الفلسطيني يعاني اعواما من مرارة الاحتلال الاسرائيلي، إلى الآن ترفض الادارة الاسرائيلية تطبيق المعاهدات، والقوانين الدولية ولا تعترف بالمجتمع الدولي، والسؤال هنا: لماذا تعارض الادارة الاسرائيلية الدعوات الاميركية التي تطالب بوقف الاستيطان الاسرائيلي داخل الاراضي الفلسطينية؟ الجواب ربما يكون عند الرئيس اوباما... اننا لا ننسى دور الملك عبدالله التاريخي في طرحه «المبادرة العربية للسلام» عام 2002 والتي تعرض على اسرائيل اعترافا عربيا جماعيا مقابل انسحابها من الاراضي الفلسطينية التي احتلتها في حرب 67، واقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وتتضمن حلا عادلا لقضية اللاجئين، والسؤال: هل وافقت اسرائيل على هذا الطرح العقلاني من المبادرة للعاهل السعودي آنذاك؟ بالطبع لا...
نعم انه من غير الواقعي ان تجد تنازلات من الرياض طالما ان اسرائيل لم تبادر بالحل السريع للدولتين، وفي نهاية الزيارة التاريخية الاولى من نوعها، قلد العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرئيس الأميركي باراك اوباما قلادة الملك عبدالعزيز الذهبية من الدرجة الاولى تقديرا له وترحيبا لزيارته التي ترمي إلى تحقيق السلام في الشرق الاوسط، والى مد الجسور مع العالم الاسلامي بعد اعوام من التوتر، واضاف الملك عبدالله قائلا: «اريد ان اعرب عن اطيب تمنياتي للشعب الاميركي الممثل برجل متميز مثل باراك اوباما الذي يستحق ان يكون في هذا المنصب بجدارة». ومن هنا نوجز القول ان الزيارة التاريخية التي حرص عليها الرئيس اوباما للشقيقة السعودية قد جاءت لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين اكثر مما كانت عليه، فضلا عن تلطيف الاجواء مع العالم العربي والاسلامي التي شابها بعض التوترات والتشنجات السياسية مع الولايات المتحدة، ثم لمعرفة الموقف العربي الموحد تجاه السياسة الاسرائيلية العوجاء على الاراضي الفلسطينية وموقفها مع ايران وسورية... «ولكل حادث حديث».
علي محمد الفيروز

كاتب وناشط سياسي كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي