في تجربة فنية تنطلق من الملاحظة الصادقة قبل الفكرة، ومن الإحساس قبل التقنية، احتضنت جمعية الكاريكاتير الكويتية في مقرها بمنطقة الدعية، مساء الثلاثاء، المعرض الرسمي الأول للفنانة الشابة أنوار بهبهاني، تحت عنوان «ارسم ما ترى»، بحضور لافت من الفنانين والمهتمين بالفن التشكيلي والكاريكاتير، في مشهد يعكس حرص المجتمع والساحة الثقافية على دعم المواهب الشابة، ومنحها مساحة حقيقية للتعبير.

المعرض، الذي يستمر حتى 19 ديسمبر الجاري، لا يقدّم لوحات فنية فحسب، بل رؤية شخصية لعالم تُعاد قراءته عبر العين واللون، حيث نقلت بهبهاني مشاهدها كما التقطتها في لحظتها الأولى، من دون تكلّف أو معالجة زائدة، مكتفية بصدق المشهد وبساطة التكوين.

وعلى جدران القاعة، توزعت 42 لوحة فنية، لكل واحدة منها قصتها الخاصة، لم تُكتب بالكلمات، بل رُويت باللون والخط والمساحة البيضاء، رسمتها الفنانة كما رأتها بعينها، ومنحتها لوناً يعكس إحساسها بالمكان واللحظة، لتتكوّن تجربة بصرية هادئة قريبة من المتلقي، وتدعو إلى التأمل في تفاصيل الحياة اليومية.

«الفكرة... والورق»

قالت الفنانة بهبهاني، في تصريح لـ«الراي»، «أقمت أول معرض شخصي لي في العام 2018 في البيت بدعم من جميع أفراد الأسرة والأصدقاء، حيث ضم في حينها 400 لوحة، وكانت تلك التجربة بمثابة المساحة الأولى التي اختبرت فيها علاقتي بالرسم وبالجمهور، ومنحتني دافعاً للاستمرار. بعدها، اتخذت قراراً بإقامة معرضي الرسمي والشخصي الأول بعد أن رسمت سلسلة من الرسومات بالفكرة ذاتها وعلى الورق ذاته ليكون متاحاً للجميع، وكنت محظوظة بأن تلقيت دعوة كريمة من جمعية الكاريكاتير الكويتية لاستضافته، حيث وجدت منهم كامل الدعم والتشجيع، وهو ما منحني شعوراً بالثقة والمسؤولية تجاه ما أقدّمه».

وأضافت: «لقد بدأت الرسم بعمر صغير، وأول لوحة لي رسمتها لهذا المعرض كانت حديقة (الهايد بارك) في لندن، ومنها استسقيت العنوان (ارسم ما ترى)، حيث تحوّلت الفكرة إلى منهج في العمل قائم على نقل المشهد كما هو، والاحتفاظ بإحساسه الأول. فالرسم بالنسبة إليّ ليس اختيار موضوع بقدر ما هو التوقف عند مشهد لفت انتباهي، والاحتفاظ بإحساسه قبل أن يختفي».

وتابعت: «يضم المعرض الحالي 42 لوحة، إلى جانب طباعة الرسومات على أشياء مختلفة، منها التيشيرتات والأكواب، في محاولة لجعل الفن أقرب إلى الناس، جزءاً من الحياة اليومية، وحاضراً في تفاصيل حياتهم اليومية، لا مجرد عمل يُشاهد ثم يُنسى».

«طموح حقيقي»

من جانبه، قال رئيس «جمعية الكاريكاتير الكويتية» الفنان محمد ثلاب، لـ«الراي»: «سعدنا في الجمعية بافتتاح المعرض الرسمي الأول للفنانة الموهوبة أنوار بهبهاني، فهي من الأسماء الواعدة التي تمتلك طموحاً حقيقياً لترك بصمة في فن الكاريكاتير والفن القصصي بشكل عام، لاسيما أنها تعمل على تقديم مجموعة من القصص الخاصة بها، وهو ما يمنح أعمالها بعداً سردياً واضحاً».

وأضاف «ما يميّز تجربة أنوار، هو امتلاكها أسلوباً خاصاً في الرسم، يظهر في بساطة الخط، ووضوح الفكرة، وقدرتها على تحويل الرسم إلى منتج بصري قابل للتداول، سواء عبر اللوحات أو التيشيرتات أو الأكواب وغيرها، وهو ما نحرص دائماً على التأكيد عليه، بأن الفنان يستطيع الحفاظ على روحه الإبداعية، وفي الوقت نفسه بناء علاقة عملية مع فنه».

«التركيز الكامل»

أوضحت بهبهاني، أن العمل على كل لوحة يستغرق ما بين 40 دقيقة إلى 90 دقيقة، «وهي مدة أحرص خلالها على التركيز الكامل في التفاصيل».

«مقر مفتوح»

قال ثلاب، «نطمح في جمعية الكاريكاتير الكويتية إلى أن تكون مقراً مفتوحاً لكل الموهوبين، ومساحة تفاعل حقيقية بين الفنان والمجتمع، لأن الفن حين يخرج من إطاره المغلق، يصبح أكثر تأثيراً وصدقاً».