كشف باحثون في معاهد «غلادستون» وجامعة «ستانفورد» عن طريقة رسم خرائط جينية جديدة قوية تكشف كيف تعمل شبكات كاملة من الجينات معاً للتسبب في المرض، ما يملأ الروابط المفقودة التي تركتها الدراسات الجينية التقليدية.
وأوضح الدكتور أليكس مارسون، الباحث الرئيسي في «غلادستون»، أن الفريق يمكنه الآن النظر عبر كل جين في الجينوم والحصول على فكرة عن كيفية تأثير كل منها على نوع خلية معين، مضيفاً أن الهدف هو استخدام هذه المعلومات كخريطة لاكتساب رؤى جديدة حول كيفية تأثير جينات معينة على سمات محددة.
ووفقاً للدراسة المنشورة في مجلة «نيتشر»، فإن الباحثين استخدموا إستراتيجية واسعة تختبر تأثير كل جين في الخلية، وتربط الأمراض والسمات الأخرى بالأنظمة الجينية الأساسية التي تشكلها، والخرائط الناتجة يمكن أن تقطع البيولوجيا المربكة وتسلط الضوء على الجينات الأكثر احتمالاً لتكون أهدافاً مفيدة للعلاجات الجديدة.
وبالإضافة إلى ذلك، اعتمد الباحثون لسنوات بشكل كبير على دراسات الارتباط الجيني الواسعة التي تفحص الحمض النووي لآلاف الأشخاص لإيجاد روابط إحصائية بين الاختلافات الجينية والسمات، بما في ذلك مخاطر الأمراض، لكن تحويل تلك الإشارات إلى تفسيرات بيولوجية واضحة يمكن أن يكون صعباً، خصوصاً للسمات التي تتأثر بجينات عديدة.
ومن جهة أخرى، جمع الفريق معلومات من قاعدتي بيانات، الأولى جاءت من خط خلايا اللوكيميا البشرية الذي يُستخدم عادة لدراسة سمات خلايا الدم الحمراء، حيث أوقف باحث في معهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا» كل جين في ذلك الخط الخلوي واحداً تلو الآخر وتتبع كيفية تغيير فقدان ذلك الجين للنشاط الجيني.
وفي الوقت نفسه، قام فريق مارسون بمواءمة تلك النتائج مع بيانات من «بنك المملكة المتحدة الحيوي»، الذي يشمل تسلسلات جينومية من أكثر من 500 ألف شخص، إذ بحث الدكتور مينيتو أوتا عن أفراد لديهم طفرات جينية خفضت وظيفة الجينات بطرق غيرت خلايا دمهم الحمراء.
وسمح الجمع بين المصدرين للباحثين ببناء خريطة مفصلة لشبكات الجينات التي تؤثر على سمات خلايا الدم الحمراء، والصورة التي ظهرت أظهرت مشهداً جينياً معقداً بشكل ملحوظ، إذ اكتشفوا أن بعض الجينات تؤثر على عمليات بيولوجية في الوقت نفسه، ما يضعف بعض الأنشطة بينما يزيد أخرى.
وفي ختام البحث، أكد الباحثون أن القدرة على الكشف عن المسارات الجينية التفصيلية التي تتحكم في كيفية عمل الخلايا يمكن أن تعيد تشكيل كل من البيولوجيا الأساسية وتطوير الأدوية، مشيرين إلى أن مختبر مارسون الذي يركز على الخلايا التائية وأجزاء أخرى من الجهاز المناعي يمكنه الآن تطبيق الإستراتيجية نفسها على أنواع الخلايا البشرية الأخرى لاكتشاف الأنماط الجزيئية التي تدفع المرض.