كشفت دراسة علمية جديدة عن أن اتباع نظام غذائي يقارب الصيام المتقطع يؤدي إلى تغييرات ملحوظة في نشاط الدماغ البشري وتركيبه، وهو الأمر الذي قد يُفسّر الفوائد المعرفية المُبلَّغ عنها لمثل هذه الأنظمة.

وأجرى البحث فريق من جامعة «ستانفورد» الأميركية، حيث خضع المشاركون لدورة غذائية مُحكمة لمدة خمسة أيام شهرياً، مع الحفاظ على تغذية طبيعية في الأيام المتبقية. وأظهرت نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أن النمط الغذائي الشبيه بالصيام عزّز الاتصال بين المناطق الدماغية المسؤولة عن الذاكرة والانتباه، كما لوحظ زيادة في سمك القشرة الدماغية في الفص الجبهي المرتبط باتخاذ القرارات.

وفسّر الباحثون في الدراسة المنشورة في دورية «Nature Medicine» هذه التغيرات بأنها استجابة تكيفية للدماغ لظروف النقص الغذائي الموقت، وهو الأمر الذي يحفّز آليات إصلاح الخلايا ويعزز كفاءة استخدام الطاقة.

ومن أبرز التأثيرات الرئيسية التي رصدتها الدراسة:

• تحسّن بنسبة 20 في المئة في نتائج اختبارات الذاكرة العاملة.

• انخفاض في مؤشرات الالتهاب العصبي المرتبطة بالشيخوخة والإجهاد التأكسدي.

• زيادة إنتاج «العامل العصبي المشتق من الدماغ» (BDNF) الذي يدعم نمو الخلايا العصبية.

وعلى الرغم من هذه النتائج الواعدة، حذّر الباحثون من أن النظام الغذائي الشبيه بالصيام ليس مناسباً للجميع، وتحديداً للأفراد الذين يعانون من أمراض مزمنة أو اضطرابات الأكل. وأوصوا باستشارة أخصائيي التغذية قبل اعتماد مثل هذه البرامج، مع التأكيد على ضرورة تزامنها مع نمط حياة صحي يشمل النوم الكافي والنشاط البدني المنتظم.

من جهة أخرى، أشارت الدراسة إلى أن الآليات الجزيئية الكامنة وراء هذه التأثيرات لا تزال قيد البحث، لكنها رجّحت أن تقليل السعرات الحرارية بشكل دوري ينشط مسارات خلوية مثل «الأوتوفاجي» (الالتهام الذاتي) التي تنظف الخلايا من المكونات التالفة وتعيد تنظيم عمليات الأيض. وخلص الفريق إلى أن هذه النتائج تفتح آفاقاً جديدة لتطوير تدخلات غذائية تدعم الصحة الدماغية وتقي من التدهور المعرفي المرتبط بالتقدم في العمر.

ويأتي هذا البحث في سياق الاهتمام العالمي المتزايد بالصيام المتقطع، حيث تشير تقديرات سوق الحميات الغذائية الخاصة إلى نمو بنسبة 8 في المئة سنوياً، بما يعادل قيماً تصل إلى 12 مليار دولار على مستوى العالم.