نجح باحثون في الولايات المتحدة في تحقيق ابتكار جديد قد يُحدث ثورة في مجال الروبوتات العضلية الهجينة، إذ طوروا أوتاراً اصطناعية مصنوعة من هيدروجيل قوي ومرن ويمكنها تعزيز قوة وسرعة الروبوتات التي تعمل بالعضلات البيولوجية الحية.
وحقق الباحثون هذا الإنجاز بدعم من جانب كل من مكتب أبحاث الجيش التابع لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ولجنة دعم الأبحاث التابعة لمعهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا (MIT) والمؤسسة الوطنية للعلوم.
وعضلاتنا البشرية هي محركات الطبيعة، إذ إن النسيج العضلي هو ما يولد القوى التي تجعل أجسامنا تتحرك. وعلى مدار السنوات الأخيرة، استخدم المهندسون أنسجة عضلية حقيقية لتشغيل «روبوتات هجينة بيولوجية» مصنوعة من أنسجة حية وأجزاء صناعية. ومن خلال إقران عضلات مزروعة مخبرياً بهياكل عظمية صناعية، هندس الباحثون مجموعة متنوعة من الزواحف والمشاة والسباحين والقابضات التي تعمل بالعضلات الاصطناعية.
لكن في معظم الأحيان، تكون هذه التصاميم محدودة في مقدار الحركة والقوة التي يمكنها إنتاجها.
والآن، يهدف مهندسو «ماساتشوستس» للتكنولوجيا إلى منح الروبوتات البيولوجية رفعة قوة مع أوتار اصطناعية.
وفي دراسة نشرت في دورية «علم متقدم»، طور الباحثون أوتاراً اصطناعية مصنوعة من هيدروجيل قوي ومرن، حيث ربطوا الأوتار الشبيهة بشريط مطاطي بأي من طرفي قطعة صغيرة من العضلات المزروعة مخبرياً، لتشكيل «وحدة عضلة ووتر»، ثم ربطوا نهايات كل وتر اصطناعي بأصابع قابض روبوتي.
وعندما حفزوا العضلة المركزية للانقباض، سحبت الأوتار أصابع القابض معاً، وقرص الروبوت أصابعه معاً ثلاث مرات بشكل أسرع، وبقوة أكبر ثلاثين مرة، مقارنة بالتصميم نفسه من دون الأوتار الواصلة.
ويتصور الباحثون أن وحدة العضلة والوتر الجديدة يمكن أن تناسب مجموعة واسعة من تصاميم الروبوتات الهجينة البيولوجية، تماماً مثل عنصر هندسي عالمي.
وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة ريتو رامان، الأستاذة المساعدة في الهندسة الميكانيكية في معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا: «نحن نقدم الأوتار الاصطناعية كموصلات قابلة للتبديل بين محركات العضلات والهياكل العظمية الروبوتية، وهو الأمر الذي يمكن أن يجعل من الأسهل تصميم مجموعة واسعة من التطبيقات الروبوتية، من أدوات جراحية مجهرية إلى آلات استكشافية تكيفية ومستقلة».
وتركز رامان وزملاؤها في المعهد على الجمع بين الأجزاء الروبوتية الهيكلية الصناعية والأنسجة العضلية الحية كمحركات طبيعية.
تقول رامان: «معظم المحركات التي يعمل معها المهندسون عادةً من الصعب جداً جعلها صغيرة، فبعد حجم معين، الفيزياء الأساسية لا تعمل. الشيء الجميل في العضلات هو أن كل خلية محرك مستقل يولد قوة وينتج حركة، لذلك يمكنك من حيث المبدأ صنع روبوتات صغيرة جداً».
وتأتي المحركات العضلية أيضاً مع مزايا أخرى أظهرها فريق رامان بالفعل، بما في ذلك، أنه يمكن أن ينمو النسيج أقوى مع ممارسته، ويمكنه الشفاء بشكل طبيعي عند الإصابة.
لهذه الأسباب، تتصور رامان وآخرون أن الروبوتات العضلية يمكن أن تُرسل يوماً ما لاستكشاف بيئات بعيدة جداً أو خطيرة جداً على البشر.
ويمكن أن تبني هذه الروبوتات العضلية قوتها لمسارات غير متوقعة أو تشفي نفسها عندما تكون المساعدة غير متاحة، كما يمكن أن تخدم الروبوتات الهجينة البيولوجية أيضاً كمساعدين جراحين صغار يؤدون إجراءات دقيقة على نطاق مجهري داخل الجسم.
وتحفز كل هذه السيناريوهات المستقبلية رامان وآخرين على إيجاد طرق لإقران العضلات الحية بهياكل عظمية صناعية.
وتضمنت التصاميم حتى الآن زراعة شريط من العضلات وربط أي من طرفيه بهيكل عظمي صناعي، بشكل مشابه لحلقة شريط مطاطي حول عمودين.
عندما يتم تحفيز العضلة للانقباض، يمكنها سحب أجزاء الهيكل العظمي معاً لتوليد حركة مرغوبة.
لكن رامان تقول إن هذه الطريقة تنتج الكثير من العضلات المهدرة التي تُستخدم لربط النسيج بالهيكل العظمي بدلاً من جعله يتحرك، وهذا الاتصال ليس آمناً دائماً.
وفي سياق الدراسة البحثية، صممت رامان وزملاؤها أوتاراً اصطناعية لربط أنسجة العضلات الطبيعية بهيكل عظمي قابض صناعي، وكانت مادة اختيارهم هي الهيدروجيل، وهو جل قائم على البوليمر مطاطي ولكنه قوي.
وبشكل عام، أوضحت رامان أن إضافة الأوتار الاصطناعية زادت نسبة القوة إلى الوزن للروبوت بمقدار 11 مرة، ما يعني أن النظام يتطلب عضلات أقل بكثير للقيام بنفس القدر من العمل.
ومع وضع الأوتار الاصطناعية الجديدة في مكانها، تمضي مجموعة رامان قدماً لتطوير عناصر أخرى، مثل أغلفة واقية شبيهة بالجلد، لتمكين الروبوتات التي تعمل بالعضلات في إعدادات عملية في العالم الحقيقي.