تمكن فريق بحثي دولي من تحقيق إنجاز علمي غير مسبوق، يتمثل في تعديل عملية التعلُّم بالمكافأة لدى البشر باستخدام تحفيز غير جراحي للموجات فوق الصوتية موجه إلى منطقة عميقة في الدماغ.
الدراسة، المنشورة في مجلة «Nature Communications»، تثبت إمكانية تعزيز سرعة التعلُّم من التغذية الراجعة الإيجابية عبر تحفيز وجيز لمنطقة «النواة المتكئة» لمدة تزيد قليلاً على الدقيقة.
وتركز التقنية الجديدة على «النواة المتكئة»، وهي بنية صغيرة في الدماغ تلعب دوراً محورياً في الشعور بالمتعة وتعلُّم السلوكيات التي تؤدي إلى مكافآت.
وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين تلقوا التحفيز أصبحوا أكثر ميلاً لتكرار الخيارات الناجحة، وتعلموا بشكل أسرع من النتائج الإيجابية، وهو أثر كان يُحقق سابقاً فقط عبر تقنيات جراحية غازية مثل تحفيز الدماغ العميق.
ويقول الباحثون إن هذه الطريقة تفتح آفاقاً جديدة لعلاج مجموعة واسعة من الاضطرابات النفسية والعصبية التي تتضمن خللاً في دوائر المكافأة في الدماغ، كالإدمان والاكتئاب واضطرابات الأكل.
وميزة التقنية الرئيسية هي أنها لا تتطلب إجراء شقوق جراحية أو زراعة أقطاب كهربائية، ما يقلل من المخاطر والمضاعفات ويجعل العلاج أكثر أماناً وقابلية للتخصيص.
وأوضحت البروفيسورة إلسا فورانان، مديرة مركز الموجات فوق الصوتية العلاجية في جامعة «بليموث» والمشرفة على الدراسة، أن «النواة المتكئة هي في قلب نظريات الدافع والتعلم، وحقيقة قدرتنا الآن على تعديل نشاطها بطريقة غير جراحية تفتح آفاقاً هائلة للترجمة السريرية»، مشيرة إلى أن الفريق تمكن للمرة الأولى من ربط سمة تعلُّم محددة، مرتبطة بالاندفاعية، بمنطقة لم يكن الوصول إليها ممكناً إلا بالجراحة.
وشمل البحث تعاوناً بين جامعات «بليموث» و«أكسفورد» في بريطانيا و«براون» في الولايات المتحدة.
ويُعد هذا التقدم خطوة جوهرية نحو تطوير جيل جديد من العلاجات العصبية الذكية وغير الباضعة، التي يمكن أن تُحدث تحولاً في حياة المرضى الذين لا يستجيبون للعلاجات التقليدية، مع الحفاظ على سلامة أنسجة الدماغ وسلامة المريض.