كشف بحث جيولوجي حديث عن مفاجأة علمية كبرى في قلب تركيا، حيث إن صَدْع (فلْق) «توز غولو»، الذي يمتد قرابة 200 كيلومتر حول «بحيرة توز»، لا ينزلق جانبياً كما كان يُصنف لعقود، بل يتمزق ويمدّد القشرة الأرضية عمودياً.

هذا الاكتشاف، المنشور في مجلة «Nature's Communications Earth & Environment»، يعيد كتابة الفهم العلمي للقوى التكتونية النشطة في منطقة الأناضول، والتي تعد من أكثر مناطق العالم عرضة للزلازل.

وكانت النماذج الجيوفيزيائية السابقة تصنف هذا الصَدْع، الواقع عند تقاطع الصفائح التكتونية «الأوراسي» و«العربي» و«الأفريقي»، على أنه صَدْع انزلاقي جانبي، مشابه للعديد من الصدوع في المنطقة التي تتحرك فيها الكتل الصخرية أفقياً متجاورة. ومع ذلك، أظهر العمل الميداني الدقيق للباحثين، بقيادة أكسل شميت من «جامعة كورتن»، دليلاً قاطعاً على حركة شد عمودية بمعدل ثابت يتراوح بين 0.90 و1.23 ملليمتر سنوياً.

واعتمد الفريق على تقنية تأريخ متطورة تسمى «تأريخ الزركون المزدوج»، والتي تجمع بين تأريخ اليورانيوم-الثوريوم ونظير الهيليوم. تم تطبيقها على أربع تدفقات للحمم البركانية القديمة قرب بركان «هاسانداغ» الخامد، تتراوح أعمارها بين 151 ألف سنة و38.800 سنة.

وأظهر تحليل هذه التدفقات، التي كانت متصلة في الماضي وانفصلت بفعل الصَدْع، إزاحات رأسية واضحة مع انحراف جانبي ضئيل أو معدوم، ما يدحض فرضية الانزلاق الجانبي الرئيسي.

والواقع أن هذا التحول في الفهم له آثار كبيرة على تقييم المخاطر الزلزالية في المنطقة. ففي حركة الشد العمودية تتراكم إجهادات مختلفة في القشرة الأرضية مقارنة بحركة الانزلاق الجانبي، ما قد يؤثر على نمط وقوة وحتى توقيت الزلازل المستقبلية.

كما يثير الاكتشاف تساؤلات حول آليات استيعاب الحركة التكتونية الإقليمية، ويشير إلى أن القشرة في وسط الأناضول تتعرض لتمدد شرقي-غربي لم يكن موثّقاً بهذا الوضوح من قبل.

ويُظهر هذا البحث كيف أن الأدوات العلمية المتقدمة، مثل التأريخ الدقيق بالزركون، يمكنها قلب المفاهيم الراسخة.

كما يؤكد على الحاجة إلى مراجعة مستمرة للنماذج الجيولوجية في المناطق النشطة زلزالياً، حيث إن الفهم الدقيق لطبيعة حركة الصدوع هو الخطوة الأولى نحو تقدير أكثر دقة للمخاطر التي تهدد ملايين السكان في تركيا والمناطق المحيطة.