هل مرّ عليك ولو صدفة إعلان «لا تحاتي إذا طايف 40 في المئة»، والذي تعرض من خلاله بعض الشركات على وسائل التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا» تقديم خدمات إجارة منتهية بالتملك؟ غالباً الإجابة ستكون بنعم.

بالطبع هذا الإعلان يلقى قبولاً واسعاً لدى بعض العملاء، خصوصاً «الذين يطوفون الـ 40 في المئة» والمقصود بذلك تجاوز نسبة القسط الشهري 40 في المئة من حجم الراتب، لكن من الواضح أن مثل هذه الإعلانات بات تحت مجهر وزارة التجارة والصناعة وبنك الكويت المركزي وجهات أخرى معنية، لتتبعها ومعاقبة المخالفين، مع تحديد أثر استغلال نشاط البيع بالتقسيط لممارسة نشاط التمويل غير المرخص له على النشاط المالي والاقتصادي للدولة.

نشاط البيع

وفي هذا الخصوص، أعاد «المركزي» تتبع ظاهرة استغلال نشاط البيع بالتقسيط وممارسة نشاط التمويل غير المرخص إلى وزارة التجارة والصناعة، لاتخاذ ما تراه مناسباً في هذه الإعلانات، بحكم اختصاصها في مراقبة وإصدار التراخيص التجارية.

وفي هذا الخصوص أكد «المركزي» أن المنتج الذي يتم الترويج له في إعلانات الشركات «لا تحاتي إذا طايف 40 في المئة»، يتمثل في الإجارة المنتهية بالتملك يعد من أعمال المهنة المصرفية، ولا يجوز لأي من المؤسسات ممارسته إلا تلك الخاضعة لرقابته من البنوك والشركات، التي تتضمن أعراضها منح التمويل، وفقاً لحكم المادة (59) من القانون رقم 12 لسنة 1908 المشار إليه.

سجل «المركزي»

وشدد «المركزي» على أن المادة (59) من القانون رقم 32 لسنة 1968، في شأن النقد و«المركزي» وتنظيم المهنة المصرفية وتعديلاته، تقضي بأنه لا يجوز لأي مؤسسة مصرفية أن تباشر أعمالها إلا بعد تسجيلها في سجل البنوك لدى «المركزي»، وأنه لا يجوز لغير المؤسسات المسجلة في سجل البنوك أن تمارس المهنة المصرفية، أو أن تستعمل في إعلاناتها أي عبارة أخرى، قد تؤدي إلى تضليل الجمهور حول طبيعة المؤسسة. وتفرض هذه المادة عقوبات على كل من يخالفها، من ضمنها طلب سحب الرخصة من الجهة التي زاولت النشاط المخالف، واتخاذ ما يلزم من تدابير أخرى، لمنعها من العودة إلى مزاولة ذلك النشاط.

جهات غير مرخصة

وتتقاطع «التجارة» مع «المركزي»، على أن إعلانات التمويل المقدمة من جهات غير مرخصة على منصات التواصل الاجتماعي لمنح القروض، تؤدي إلى تضليل الجمهور حول طبيعة الشركات المانحة، واهتزاز ثقة المتعاملين في القطاع المصرفي والمالي، إلا أنه من الناحية العملية، تطل إشكالية الجهة المسؤولة رقابياً على مكافحة السلوك الائتماني غير المرخص، برأسها مجدداً عليهما.

محاصرة السلوك

وعملياً، وفي إطار التحرك الأوسع لمحاصرة السلوك الائتماني المخالف، يعيد النقاش الرقابي المفتوح بخصوص «لا تحاتي إذا طايف 40 في المئة»، إلى الواجهة مجدداً، الملف الأخطر وهو «تكييش القروض» الذي يكتسي أهمية مضاعفة كون هذه التمويلات مقدمة من جهات غير معلومة، ما يزيد الضرر الحاصل على العملاء الذي قد يقعون ضحية للنصب والاحتيال أو حتى الابتزاز بسيف الضمانات وكذلك على اقتصاد الدولة، ما يستدعي ضرورة التوصل إلى آلية رقابية فاعلة في مكافحة الظاهرة.

وهنا قد يكون مفيداً الإشارة إلى أن إعلانات «تكييش» القروض أو جدولتها تنتشر منذ سنوات على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى «دوارات الطرق» بيافطات براقة، حول تمكين العملاء من سداد القروض المترتبة عليهم والحصول على قرض بضمانات غير تقليدية، وبشروط ميسرة لا تعتد بنسبة القسط من الراتب، مقابل فائدة عالية.

آلية رقابية

ولا تقتصر مخاطر ظاهرة «تكييش» القروض وجدولتها، على أنها تمنح من جهات غير مرخصة من «المركزي»، مثلما هو مسجل على إعلانات «لا تحاتي إذا طايف 40 في المئة»، حيث تتسع لتشمل إمكانية تعرض العميل للنصب والاحتيال، كما يقع مقدموها في شبهات «غسل الأموال»، باعتبار أنها مبالغها تدفع وتسدد غالباً بنظام «الكاش».

نشاط البيع

وفي هذا الخصوص يدفع مسؤولو «التجارة» بأن مراقبة إعلانات «تكييش» القروض غير المرخصة، والمتداولة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي أو المنتشرة على الطرقات، من جهات غير مرخصة لديها، لا تدخل ضمن اختصاصات الوزارة ممثلة بإدارة الرقابة التجارية وحماية المستهلك، لأكثر من سبب أبرزها أن هذه الجهات ليست شركات أو مؤسسات، مرخصة من «التجارة»، ومن ثم لا يمكن للوزارة قانونياً ورقابياً أن تضبطها أو توقفها عن ممارسة هذا النشاط ولو كان مخالفاً.

ولفتوا، إلى أن ملاحقة مثل هذه الإعلانات المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تندرج ضمن إطار الجرائم الإلكترونية، والتي تتابعها الجهات المختصة بإيقاف حساباتها وإحالة أصحابها إلى التحقيق، بتهمة النصب والاحتيال، نظراً لطبيعة ومكان الترويج لها.