تتواصل فعاليات الدورة السادسة عشرة لمهرجان «أيام المسرح للشباب»، الذي تنظمه الهيئة العامة للشباب، في الفترة بين 17 و22 من شهر نوفمبر الجاري على خشبة مسرح الدسمة، إذ قدمت فرقة «ترند برودكشن» العرض الثاني ضمن العروض المسرحية الرسمية، بعنوان «قمرة»، وهو من إخراج هاني الهزاع وتأليف عبدالرزاق بهبهاني.

وبدأت أحداث المسرحية في الكنيسة، حيث الاعتراف بالخطيئة أمام الكاهن، طلباً للمغفرة والتطهر الروحي، بسبب الذنوب التي يرتكبها الإنسان في حقّ نفسه والآخرين.

و«قمرة» تعني في علم الفلك «الليلة المظلمة»، ولكن العرض استخدم هذه المفردة في عتمة الروح، وسوداوية الأفكار التي تراود صاحبها.

واستندت الفكرة الأساسية للمسرحية على ركيزتين أساسيتين، تتمثل الأولى في «سرية الاعتراف» التي تشكّل الأساس الذي تُبنى عليه علاقة المراجعين برجل الدين، بينما تؤكد الثانية على حقيقة أن «جميعنا خطاؤون»، ما يبرز الطبيعة الإنسانية الهشة والحاجة الدائمة للتطهر.

وبدا التصميم المسرحي بفكرة إخراجية مبتكرة، إذ ظهر الديكور كصندوق متحرك قابل للتشكل والتفكك، يتحول بسلاسة بين مشاهد العمل ليجسد بشكل مجازي أماكن متعددة كالمعبد وكرسي الاعتراف والسيارة والسجن والمنزل ومحطة القطار.

أما الموسيقى، فقد لعبت دوراً حيوياً في العمل، حيث عملت كلغة لترجمة المشاعر وتعزيز الأجواء النفسية، ما ضاعف التأثير العاطفي على المتلقي وربطه بحالة الشخصيات الداخلية.

ونجح أبطال العرض في تجسيد أدوارهم على الخشبة، مثل «القسيس مالكوم» (عبدالله البلوشي) بالإضافة إلى «إبراهام» (حمد عبدالرزاق) الذي يطلب الغفران عن تزويج ابنته القاصر بدافع الطمع، بينما تألق (عبدالرحمن الفهد) في دور «القسيس أنيماس» إلى ضمير يحاسب بعد مقتله بسبب الطمع نفسه.

ولم يغب الفنان علي المهيني عن الإبداع، إذ تميز في دور «جون»، ذلك المتشائم الذي يحذر من الكوارث المقبلة.

في حين اكتمل المشهد الإنساني المعقد بالفنان مهدي دشتي في دور «جيكوب»، الذي يعترف بخيانته الزوجية نتيجة الجفاف العاطفي، وميثم الحسيني في دور «ديفيد»، الذي يتحول من ضحية إلى قاتل طليق بعد أن تسبب بحادث أودى بحياة زوجته، ليجسد بذلك الصراع الأبدي بين الندم والانتقام.

واختتمت المسرحية بتأكيدها على أن جميع الشخصيات، رغم تنوع خطاياهم بين الطمع والخيانة والقتل، تظل تبحث عن مغفرة تخلصها من أعباء الماضي، لتبقى «قمرة» مرآة تعكس الوجه الإنساني الهش، وتؤكد أن البحث عن الخلاص، رغم مرارته، يظل الشعلة التي تنير ظلمة الخطيئة.