أظهرت بيانات حديثة لتتبع حركة السوق العقاري في بريطانيا، هبوطاً في طلب المساكن الفاخرة في لندن التي تزيد قيمتها على 5 ملايين جنيه إسترليني قدرته شركة «Lon Res» للأبحاث بـ 65 % في أكتوبر الماضي على أساس سنوي، فيما سجلت تراجعاً في الأسعار بـ 27 % خلال الفترة بين أغسطس وأكتوبر، مقارنة بالفترة المقابلة 2024.

ولعلّ من أبرز محركات الانخفاض الحاد في طلب وأسعار العقارات الراقية في لندن، رفع ضريبة الدمغة وإلغاء الامتيازات الضريبية التي كان يتمتّع بها المقيمون الأجانب فائقو الثراء، ما أثر على شهية المستثمرين الأجانب، لدرجة دفعت رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، إلى إعادة عرض شقته في حي نايتس بريدج في لندن، للبيع بسعر 70 مليون جنيه إسترليني، نزولاً من 80 مليوناً قبل شهرين، بعد الإخفاق في إيجاد مشترٍ.

مكانة ثابتة

ومع تراجع أعداد المشترين القادرين على تحمل التكلفة الضريبية، يبرز السؤال حول اتجاهات الكويتيين أصحاب العقارات الفارهة في لندن؟ وما إذا كانت الضرائب الجديدة ستُشكّل دافعاً للتحوّل عن أفكار التعبير عن الثراء، أم سيتم التخلّف عن الهجرة عقارياً والإبقاء على «كشخة» تملك شقة بحي راقٍ في لندن؟

مبدئياً، تظهر الجردة التاريخية لممتلكات الكويتيين السكنية في بريطانيا أنهم حاضرون بعقلية السائح أكثر من المستثمر، في حين اكتسبت الأصول العقارية البريطانية مكانة ثابتة لديهم، كاستثمارات طويلة الأجل، لما تحمله من استقرار، ومآرب أخرى متنوعة وفي مقدمتها السياحية والصحية والتعليمية، أخذاً بالاعتبار أن الكويتي يتميز بانتشاره عقارياً في بريطانيا وعدم تركزه في لندن ما يعني أن الشريحة الأوسع من الكويتيين يملكون عقارات بأقل من القيمة السعرية التي تلزم بدفع ضرائب.

تغيرات حالية

من ناحيته، يرى العقاري قيس الغانم، أن التغيرات الحالية ستنعكس على سوق العقار البريطاني عموماً، مرجحاً استمرار التراجع بالمستقبل المنظور، خصوصاً في ظل وفرة المعروض مقابل ضعف الطلب الناتج عن الضرائب الجديدة.

وأشار الغانم، لـ«الراي» إلى أن أكثر الأثرياء الذين تركوا سوق العقار البريطاني وجدوا في دبي وأبوظبي بديلاً ونقلوا استثماراتهم إليهما، ما يجعلهما أكبر المستفيدين من نزوح أصحاب عقارات الأحياء الراقية في لندن، موضحاً أن المستثمرين الكويتيين مختلفون، فهم سائحون أكثر من كونهم مستثمرين، لذلك لا يفكرون في البيع والشراء من أجل الربحية أو بدافع الخوف من الركود.

انخفاض الطلب

وفيما أكد الغانم، أن أسعار العقارات السكنية التي يملكها الأفراد الكويتيون في بريطانيا، من بيوت وشقق راقية، ستتراجع وتتأثر قيمتها بانخفاض الطلب وتزايد الضغوط الضريبية على فئتها، أوضح أن هذه التأثير سيظل ورقياً من الناحية المحاسبية بسبب عدم الاندفاع لتسييلها.

ولفت إلى أن الاستثمارات الكويتية في القطاع العقاري التجاري لن تتأثر مباشرة بالمستجدات الضريبية، لطبيعتها طويلة الأجل، وارتباطها بعقود ومحافظ استثمارية مستقرة نسبياً، مبيناً أنه على عكس ذلك هناك طلب كويتي على هذا القطاع خاصة بعد عودة لندن لتتصدر أهم المراكز المالية عالمياً.

وأشار الغانم إلى أن استثمارات الكويتيين غير السكنية في بريطانيا، تتضمن أنواعاً عدة، أبرزها شقق الطلبة بجانب الجامعات، وبيوت العجزة، إضافة للعمارات والمكاتب والتي سجلت ارتفاعاً ملحوظاً في الطلب عليها.

تفاوت المرونة بين المناطق الراقية

رغم الانخفاضات العقارية الحادة المسجلة في لندن تظهر بعض مناطقها مرونة نسبية، إذ حققت:

• نايتس بريدج: أسعاراً أعلى 24 % من متوسط مناطق وسط لندن، رغم أنها كانت تفوقه بـ50 % في 2012.

• ماي فير: تحسناً لافتاً في الأسعار والارتفاع من 27 % إلى 50 %.

• بلغرافيا وماريليبون: زيادات متفاوتة تعكس تجدد البنية الاستثمارية وجودة الإشراف العقاري.

وتُرجع شركات السمسرة التباين إلى تنوّع الملكية والاستثمار، فالمناطق التي شهدت تحديثاً في البنية العقارية وإدارة الأراضي اجتذبت مستأجرين بشكل أكبر مقارنة بالمناطق ذات الملكية المحدودة.

29 % من مستثمري الخليج في عقارات لندن توسّعوا... آخر 12 شهراً

حسب تقرير حديث لبنك ريان الإسلامي في بريطانيا، يواصل المستثمرون الخليجيون ضخ رؤوس أموالهم في سوق العقارات البريطانية، مع تركيز متزايد على لندن، باعتبارها وجهة استثمارية رائدة عالمياً، وتضمن التقرير استبياناً شمل 150 مستثمراً خليجياً، حيث أوضح أن هناك 4 اتجاهات لإدارة الثروات في دول الخليج جديرة بالمتابعة في 2026.

ووفقاً للتقرير، استثمر 29 % من المستثمرين الخليجيين في عقارات لندن خلال الأشهر الـ 12 الماضية، متجاوزين مدناً عالمية مثل نيويورك (23 %) وباريس (23 %) ولوس أنجليس (22 %) وطوكيو (21 %).

ويشير 93 % من المشاركين في الاستبيان إلى ارتفاع ثقتهم في السوق البريطانية، مدفوعاً بـ 5 تخفيضات أقرّها بنك انكلترا للفائدة، وتراجع أسعار العقارات الفاخرة، ونقص المعروض السكني، الذي أسهم في رفع عوائد الإيجار.

ويخطط 99 % من المستثمرين الخليجيين لزيادة استثماراتهم السنوات الـ 5 المقبلة، مع تركيز على قطاعات التجزئة (44 %) والضيافة والترفيه (36 %) وسكن الطلاب (34 %). كما برزت الاستدامة كعامل حاسم في قرارات الاستثمار.

وأوضح التقرير أن وسط لندن لايزال يستقطب الحصة الأكبر من الاستثمارات بواقع 38 %، فيما تشهد مناطق شرق لندن وشمالها وضواحيها اهتماماً متزايداً.