في تطور مهم لأبحاث القلب والأوعية الدموية، كشفت دراسة أميركية حديثة عن وجود صلة مباشرة ومحددة بين أنواع معينة من بكتيريا الأمعاء وبين نشوء وتفاقم مرض الشريان التاجي، وهو الشكل الأكثر شيوعاً وفتكاً لأمراض القلب في العالم.
ويُعد مرض الشريان التاجي حالة صحية خطيرة تؤثر على ملايين الأشخاص عالمياً، وتتسبب في وفاة ما يقرب من 20 مليون شخص سنوياً، ما يجعل فهم العوامل المساهمة فيه أمراً بالغ الأهمية.
وتجاوزت هذه الدراسة الأبحاث السابقة التي أشارت بشكل عام إلى وجود علاقة بين ميكروبيوم الأمعاء وصحة القلب، حيث نجحت في تحديد 15 نوعاً من الميكروبات المرتبطة بالمرض. وقد لوحظ أن سبعة من هذه الأنواع كانت أكثر وفرة بشكل ملحوظ، بينما كانت الثمانية الأخرى مستنفدة بشكل كبير لدى الأفراد المصابين بمرض الشريان التاجي.
ويفتح هذا التحديد الدقيق الباب أمام فهم أعمق للدور الوظيفي لهذه الميكروبات في ما يُعرف بـ «محور القلب والأمعاء».
وتشير النتائج إلى أن بعض بكتيريا الأمعاء التي تُعتبر «صديقة» في الظروف العادية - مثل سلالات من «Lachnospiraceae» - قد يكون لها تأثيرات متباينة على الصحة اعتماداً على البيئة الميكروبية العامة للأمعاء والحالة الصحية للفرد.
ويؤكد هذا التعقيد أن العلاقة بين الميكروبيوم وصحة القلب ليست علاقة بسيطة، بل هي شبكة معقدة من التفاعلات الأيضية والالتهابية. فالميكروبات تنتج مستقلبات معينة يُعتقد أنها تلعب دوراً في تصلب الشرايين.
ورأى خبراء مختصون أن هذه النتائج تحمل وعداً كبيراً لتطوير إستراتيجيات علاجية ووقائية جديدة ومبتكرة. فمن خلال استهداف الأنواع الميكروبية المحددة التي تساهم في تطور المرض، يمكن للعلماء تطوير تدخلات دقيقة. وقد يشمل ذلك تطوير بروبيوتيكس (Probiotics) مصممة خصيصاً لاستعادة التوازن الميكروبي، أو تعديلات غذائية تستهدف نمو البكتيريا المفيدة، أو حتى علاجات تعتمد على زرع ميكروبيوم البراز لتصحيح الاختلالات البكتيرية.